ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[21 Jun 2010, 01:06 ص]ـ
14 ـ أن يصبر على جفوة تصدر من شيخه أو سوء خلق، ولا يصده ذلك عن ملازمته وحسن عقيدته، ويتأول أفعاله التي يظهر أن الصواب خلافها على أحسن تأويل، ويبدأ هو عند جفوة الشيخ بالاعتذار والتوبة مما وقع والاستغفار، ونسب الموجب إليه، ويجعل العتب عليه؛ فإن ذلك أبقى لمودة شيخه، وأحفظ لقلبه، وأنفع للطالب في دنياه وآخرته. ص140.
15 ـ إذا سمع الطالب الشيخ يذكر حكماً في مسألة، أو فائدة مستغربة، أو يحكي حكاية، أو ينشد شعراً، وهو يحفظ ذلك؛ أصغى إليه إصغاء مستفيد له في الحال، متعطش إليه، فرح به، كأنه لم يسمعه قط. قال عطاء: (إني لأسمع الحديث من الرجل وأنا أعلم به منه، فأريه من نفسي أني لا أحسن منه شيئاً). فإن سأله الشيخ عند الشروع في ذلك عن حفظه له؛ فلا يجيب بـ (نعم)؛ لما فيه من الاستغناء عن الشيخ فيه، ولا يقل: لا؛ لما فيه من الكذب، بل يقول: أحب أن أسمعه من الشيخ، أو: أن استفيده منه، أو: بعد عهدي، أو: هو من جهتكم أصح. فإن علم من حال الشيخ أنه يؤثر العلم بحفظه له مسرة به، أو أشار إليه بإتمامه؛ امتحانا ًلضبطه وحفظه، أو لإظهار تحصيله؛ فلا بأس باتباع غرض الشيخ ابتغاء مرضاته وازدياد الرغبة فيه. ص156 ـ 157.
16 ـ على الطالب أن يحذر في ابتداء أمره من الاشتغال في الاختلاف بين العلماء أو بين الناس مطلقاً في العقليات والسمعيات؛ فإنه يحيّر الذهن ويدهش العقل، بل يتقن أولاً كتاباً واحداً في فن واحد، أو كتباً في فنون إن كان يحتمل ذلك، على طريقة واحدة يرتضيها له شيخه. فإن كانت طريقة شيخه نقل المذاهب والاختلاف، ولم يكن له رأي واحد؛ قال الغزالي: (فليحذر منه؛ فإن ضرره أكثر من النفع به). وكذلك يحذر في ابتداء طلبه من المطالعات في تفاريق المصنفات؛ فإنه يضيع زمانه، ويفرق ذهنه، بل يعطي الكتاب الذي يقرؤه أو الفن الذي يأخذه كليته حتى يتقنه، وكذلك يحذر من التنقل من كتاب إلى كتاب من غير موجب؛ فإنه علامة الضجر وعدم الإفلاح.
أما إذا تحقق أهليته، وتأكدت معرفته؛ فالأولى أن لا يدع فناً من العلوم الشرعية؛ إلا نظر فيه، فإن ساعده القدر وطول العمر على التبحر فيه؛ فذاك، وإلا فقد استفاد منه ما يخرج به من عداوة الجهل بذلك العلم، ويعتني من كل علم بالأهم فالأهم، ولا يغفلن عن العمل الذي هو المقصود بالعلم.171 ـ 176.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[26 Jun 2010, 05:56 م]ـ
17 ـ على طالب العلم إذا شرح محفوظاته المختصرات، وضبط ما فيها من الإشكالات والفوائد المهمات؛ انتقل إلى بحث المبسوطات، مع المطالعة الدائمة، وتعليق ما يمر به أو يسمعه من الفوائد النفيسة والمسائل الدقيقة والفروع الغريبة، وحل المشكلات والفروق بين أحكام المتشابهات من جميع أنواع العلوم، ولا يستقل بفائدة يسمعها، أو يتهاون بقاعدة يضبطها، بل يبادر إلى تعليقها وحفظها.
ولتكن همته في طلب العلم عالية؛ فلا يكتفي بقليل العلم مع إمكان كثيرة، ولا يقنع من إرث الأنبياء صلوات الله عليهم بيسيره، ولا يؤخر تحصيل فائدة تمكن منها، أو يشغله الأمل والتسويف عنها؛ فإن للتأخير آفات، ولأنه إذا حصلها في الزمن الحاضر؛ حصل في الزمن الثاني غيرها. ص189 ـ 190.
18 ـ وليحذر من نظر نفسه بعين الجمال والاستغناء عن المشايخ؛ فإن ذلك عين الجهل وقلة المعرفة، وما يفوته أكثر مما يحصله. قال سعيد بن جبير: (لا يزال الرجل عالماً ما تعلم، فإذا ترك التعلم وظن أنه قد استغنى؛ أسوأ جهل ما يكون). ص190 ـ 191.
19 ـ وكما لا ينبغي للطالب أن يستحي من السؤال؛ فكذلك لا يستحي من قوله: لم أفهم؛ إذا سأله الشيخ؛ لأن ذلك يفوت عليه مصلحته العاجلة والآجلة: أما العاجلة؛ فحفظ المسألة ومعرفتها واعتقاد الشيخ فيه الصدق والورع والرغبة، والآجلة: سلامته من الكذب والنفاق، واعتياده التحقيق. ص 215.
20 ـ على الطالب أن يرغّب بقية الطلبة في التحصيل، ويدلهم على مظانه، ويصرف عنهم الهموم المشغلة عنه، ويهون عليهم مؤنته، ويذاكرهم بما حصله من الفوائد والقواعد والغرائب، وينصحهم بالدين؛ فبذلك يستنير قلبه، ويزكو عمله، ومن بخل عليهم؛ لم يثبت علمه، وإن ثبت لم يثمر، وقد جرب ذلك جماعة من السلف، ولا يفخر عليهم، أو يعجب بجودة ذهنه، بل يحمد الله تعالى على ذلك، و يستزيده منه بدوام شكره. ص222.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[27 Jun 2010, 10:40 م]ـ
21 ـ وعلى الطالب أن يحذر من المماراة في البحث والمغالبة فيه. فإن ثارت نفسه؛ ألجمها بلجام الصمت والانقياد، فإن ذلك أقطع لانتشار الغضب، وأبعد عن منافرة القلوب. ويجتهد كل من الحاضرين على طهارة القلب لصاحبه، وخلوه عن الحقد، وأن لا يقوم وفي نفسه منه شيء، وإذا قام من الدرس؛ فليقل ما جاء في الحديث: (سبحانك اللهم وبحمدك، ولا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك؛ فاغفر لي ذنبي؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت). ص302 ـ 303.
تمت بحمد الله المختارات من هذا الكتاب القيم، ويليه بإذن الله كتاب آخر.
¥