كان علماء الحديث قد عرّفوا الصحابي بأنه من رأى (أو سمع ليدخل الأعمى) النبي صل1 وأسلم (ليخرج من رآه ولم يسلم كأبي جهل ولهب) وزاد متأخروهم ومات على الإسلام (ليخرج المرتد الذي لم يمت على الإسلام).
وهذا تعريف كما ترى يقبل من أجل الرواية فمن رآه ولو ساعة أمكن أن يروي عنه، مثلما يمكن لأي إنسان رأى
آخر أن يروي عنه.
لكنهم شرعوا يفهمون أقوال النبي في فضل الصحابة لا باللغة كما يقتضي المنطق الحق بل بحسب التعريف المتأخر كما اعتادت عواطفهم أن تقودهم.
وحين نأتي إلى رواية في صحيح مسلم وهي موجودة بتفصيل أكثر في سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري تقول
واللفظ لمسلم كان بين خالد بن الوليد وعبدالرحمن بن عوف شيء فسبّ خالد عبدالرحمن فقال رسول الله صل1 لخالد لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. تجد الشيخ الألباني ومن يستخدم نفس منطقه يأخذ الحديث ويفهمه لا باللغة بل بحسب التعريف المتأخر!!
لو استخدم بعض المنطق العلمي لعرف أن مفهوم النبي صل1 لأصحابه يختلف عن مفهوم علماء الحديث
ولذلك قال لخالد بن الوليد ما قال فكيف تطبق قوله على من أسلم بعد خالد بن الوليد وهم جل من يشملهم تعريف علماء الحديث بمصطلح صحابي!!
الصواب الذي لا مجمجة فيه أن السنة الحق هي السيرة وأن على الدعاة أن يدعوا الى الإسلام
(لا الى القرآن والسنة) بل إلى الإسلام وأن يعتمدوا ما لا يجوز الشك فيه من أنه الإسلام وهو ما أجمع عليه الفقهاء من دلالات القرآن والحديث. ونحن اليوم في العصر الرقمي وقد قام أحد الإخوة الباحثين في مجمع الفقه الإسلامي باستخراح كل ما قالوا فيه
أجمعوا
وهو إجماع المسلمين
قول الصحابي ولا مخالف له يعرف
فوجدها 14400 مسألة ضمنها كتابه (موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي)
وقد استخرجها من أهم كتب الفقه المقارن لدى أهل السنة وهي
المغني لابن قدامة
المجموع للنووي
المحلى لابن حزم
مراتب الإجماع لابن حزم
نقد مراتب الإجماع لابن تيمية
نيل الأوطار للشوكاني
بداية المجتهد لابن رشد
اختلاف الفقهاء للطبري
الاستذكار لابن عبدالبر
فما أجمعوا عليه هو السنة لا ما دونه مدوّنو القرن الثالث مما لم يسمع ببعضه الفقهاء ولأنه قد عزي
إلى اسم النبي صل1 نقوم فندعو الناس إليه. هذا أضعف منطق علمي يمكن استخدامه وهو مع الأسف
الشائع بين من يظنون أن السنة هي تعريف علماء الحديث.
إن المنقذ من كل الضلالات هو التمسك بما أجمع عليه الفقهاء.
وليت شعري كيف يضيّع الداعي الى الله وقته في إثبات صحة حديث ليظن أنه سنة وفيما أجمع عليه
الفقهاء غنية ومتسع أن ينفق وقته في إدخال الناس في دين الله أفواجا.
ووالله العظيم إن الناس لتدخل في الإسلام في الغرب بما لا يكاد يصدقه عقل عاقل.
وكل يوم نتحاور مع سيدات يردن أن يعرفن الحلال والحرام وأهم قواعد الإسلام.
وفي عام 2007 دخل 3000 ألماني وألمانية في الإسلام حتى تحدث وزير الداخلية عن ذلك في التلفاز.
إن المنطق الذي يستخدمه الشيخ الألباني ومقلدوه لا يصمد أمام النقد العلمي والتاريخي.
وبمكننا أن نقارن بين مقالاته ومؤلفاته وبين المصادر التي يعتمد عليها كجماع العلم للشافعي القابل للنقد في نفسه. سيتبين لنا أن الفقهاء في القرن الثاني كانوا أقرب من المحدثين الى السنة في القرن الثالث بأدلة هي كالمحجة البيضاء ليلها كنهارها.
والله من وراء القصد
ـ[خلوصي]ــــــــ[24 Jun 2010, 01:59 م]ـ
شكراً جزيلا للأخت الفاضلة محبة القرآن ..
و أشكر الأستاذ د. الصالح على رده الوجيز , و الذي نأمل منه أن يحبّره لنا تحبيراً إن أتيح له وقت:
وليت شعري كيف يضيّع الداعي الى الله وقته في إثبات صحة حديث ليظن أنه سنة وفيما أجمع عليه الفقهاء غنية ومتسع أن ينفق وقته في إدخال الناس في دين الله أفواجا.
و قد أبدعتم سيدي الفاضل في هذا , و بالرغم من وضوحه أشد الوضوح ترى كثيراً من طلاب العلم في غمرات الترجيح بين الأدلة في كل مسألة!! ناسين وظائف جليلة في رقابهم! و أدعوكم للتأمل في رسالة الاجتهاد هنا:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19013
و مما أتذكره في هذا الصدد قول الإمام الشافعي رحمه الله:
" الأذان خمس مرات في اليوم و الليلة على رؤوس الأشهاد .. و الإسناد فيه تنطع " أو ما في معناه!
¥