تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إلى ظاهرها ويقضي بجوازه، وذو البصيرة ينفذ إلى مقصدها وباطنها، فالأول يروج عليه زغل المسائل كما يروج على الجاهل بالنقد زغل الدراهم، والثاني يخرج زيفها كما يخرج الناقد زيفَ النقود، وكم من باطلٍ يخرجه الرجل بحسن لفظه وتنميقه وإبرازه في صورة حق! وكم من حقٍ يخرجه بتهجينه وسوء تعبيره في صورة باطل! ومَن له أدنى فطنة وخبرة لا يخفى عليه ذلك " (12)، وكم سمعنا ورأينا من الفتاوى الشنيعة الباطلة المستهجنة التي تصدر ممن ينتسب إلى العلم والدين والسنة - ممن مسخ الله قلبه وضميره- التي تعين أهل الشر على شرهم؛ بدعوى التيسير على الناس أمرَ دينهم ورفع الحرج والإصر عنهم، وأن زماننا هذا زمن الانفتاح والعولمة وأن نقبل بما عند الشرق والغرب من فلسفة وأفكار ومبادىء في جميع شؤون الحياة لنستفيد من تجارب الآخرين في سبيل التقدم والتطور، وأنَّ زماننا قد كثرت فيه الضرورات مما يبيح لنا فعل المحظورات ونُسَلِّم بواقع الحياة! ... الخ، وكما جاء في مسند الإمام أحمد من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لينقضن عُرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبَّث الناس بالتي تليها وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة)، فيخرج كثيرٌ من هؤلاء عبر وسائل الإعلام المختلفة فيُضلُّ كثيراً من الناس ويقول على الله تعالى بغير علم ويهذي هذياناً بلا وعي ولا بصيرة ولا هدى ويتكلم بكلامٍ لا خطامَ له ولا زمام، فيفتي بتحليل الحرام وتحريم الحلال فعلى سبيل المثال لا الحصر: جواز البناء على القبور وتشييدها، وجواز التوسل والاستغاثة بالأموات من الأولياء والصالحين، وجواز الذهاب إلى السحرة والمشعوذين، والدعوة إلى فهم نصوص الكتاب والسنة على فهم الواقع العصري دون الأخذ بأقوال أهل العلم الراسخين من السلف والخلف، والتشكيك بعربية القرآن العظيم، وإباحة جمع الصلوات في آنٍ واحد دون عذر شرعي، وإباحة ضرب الدفوف والطبول في المسجد، وإباحة الفوائد الربوية، وإباحة شراء الأسهم الربوية، وإباحة بناء المسكن من قرض ربوي، وإباحة دفع الرشوة، وإباحة ما يسمى بالزواج العرفي الذي هو الزنا ما دام أن الطرفين راضيين، وإباحة نكاح المتعة، وجواز تحكيم القوانين الوضعية، وإباحة الاختلاط المحرم والسفور والتبرج في جميع مجالات الحياة كالتعليم والعمل لأنه من متطلبات ومقتضيات العصر، والتشكيك في شرعية الحجاب وتأويل الآيات الواردة في ذلك، ووجوب حلق اللحية لأن صاحبها مضطر فقد يتضرر ويسجن ويعذب، ووجوب خلع الحجاب والجلباب لأن المرأة مضطرة فقد تسجن وتعذب، ووجوب تمكين المرأة في العمل السياسي والاقتصادي والإعلامي وتوليها المناصب الوزارية العالية، ووجوب تعيين المرأة قاضية ومحامية وجندية في الجيش، وإباحة قيادة المرأة للسيارة، وإباحة الأندية الرياضية المختلطة المفتوحة، وإباحة الفن والغناء، وإباحة دراسة الموسيقى، وجواز تحويل الجنسين من ذكر إلى أنثى والعكس، والمطالبة بإلغاء تسمية اليهود والنصارى كفاراً، والمطالبة بفصل السياسة والاقتصاد من الدين، إلى غير ذلك من الفتاوى والأقوال الضالة المضلة التي تأباها وتنكرها أصحاب الفطر السليمة والعقول السوية، فضلاً ممن انتسب إلى السنة والعلم والدين، فهؤلاء المنتسبين إلى العلم والدين ومَن على شاكِلَتهم من عبيد الطغيان والانحلال وعبيد الشهوات والشبهات الذين رَضوا بالحياة الدنيا واطمئنوا بها وغفلوا عن آيات الله، الذينَ قالوا على الله بغير علم وافتروا بأقوالهم وآرائهم وفتاويهم الآثمة: لا للإسلام نصروا ولا للملحدين وأعداء الدين كسروا، وما أخذوا من الشرق والغرب الكافريْن إلا مخلَّفاته وقشوره، وما صَنعوا لأنفسهم ولا لعالمَهم طائرة ولا طبشورة!، وما ضَروا إلا أنفسَهم، وما أجمل قول الشاعر:

ولو أنَّ كلَّ كلبٍ ألقمته حجراً ... لأصبحَ الصَّخرُ مثقالاً بدينارِ

وقول الآخر:

وإذا أصيبَ القومُ في أخلاقهِم ... فأقمْ عليهم مأتماً وعَويلاً

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير