تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أجميعن، وذلك بيّن من كتاب الله تعالى. ألا ترى إلى ما حكى الله عز وجل من قوله بعد أن أراهم أنهم على غير شيء: ?? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھھ ے ے ? ? ? ? ?? ? ? ? ?? [الأنعام: 79 – 80] إلى قوله:?? ? ? ? ? ?? ? [الأنعام: 83] وقوله في أوّل الآية: ?? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ژ [الأنعام: 75] ([11] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn11)).

بل إن هذا الطريق الاستدلالي هو طريق الصحابة رضي الله عنهم كما نقل الإمام ابن الجوزي في زاد المسير بعد تفسير قوله تعالى: ژ?????پپپژ [البقرة: 164] فقال: «كل واحد منها حادِثٌ بعد أن لم يكن، وزائل بعد أن كان» ([12] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn12)). ثم قال نقلا عن الحسن البصري أنّ أصحاب النبي ? كانوا يقولون: الحمد لله الرفيق، الذي لو جعل هذا الخلق خَلقًا دائما لا يتصرف لقال الشاكُّ في الله: لو كان لهذا الخلق ربٌّ لحادَثَهُ، وإن الله تعالى قد حادَثَ بما ترون من الآيات، إنه جاء بضوء طبق ما بين الخافقين، وجعل فيها معاشًا، وسراجًا وهَّاجًا، ثم إذا شاء ذهب بذلك الخَلْق، وجاء بظلمة طبقت ما بين الخافقين، وجعل فيه سكنا ونجومًا، وقمرًا منيرًا، وإذا شاء بنى بناء جعل فيه المطر والبرق والرعد والصواعق ما شاء، وإذا شاء صرف ذلك، وإذا شاء جاء ببرد يقرقف الناس، وإذا شاء ذهب بذلك، وجاء بحرّ يأخذ أنفاس الناس؛ ليعلم الناس أن لهذا الخَلْقِ ربًّا يُحادِثُه بما ترون من الآيات، كذا إذا شاء ذهب بالدنيا وجاء بالآخرة» ([13] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn13)).

ولا يتسع المقام لعرض كل الآيات التي تبرز أهمية النظر العقلي في بناء المعرفة الصحيحة بالعقيدة الإسلامية، لكن ما يمكن استخلاصه هنا أنّ مقام إفادة المعرفة بالله تعالى _ التي يتوقف عليها السعادة الدنيوية والأخروية _ حظي في القرآن العظيم بغاية الاعتناء، فتكررت فيه العبارات، وترددت فيه الدلالات، فقلّ ما نجد آية إلا وفيها إشارةٌ إلى الحُجَج والبراهين الموصلة إلى معرفة الله تعالى، إما بالصريح، أو بالتضمن، عَلِمَها من عَلِمَها، وجَهِلَها من جَهِلَها.

وأقرب مثال على ذلك ما نقرأه وجوبًا كل يوم سبعة عشر مرة في صلواتنا، وهي فاتحة الكتاب التي تضمنت بأسلوب وجيز معجز في آية واحدة جميع أركان العقيدة الإسلامية على أبدع طريق؛ بيّن ذلك الإمامُ السنوسي في تفسير قوله تعالى: ?پپپپ?? [الفاتحة: 2] بما نصه: «أصل التربية: نَقْلُ الشيء من رُتبَةٍ إلى رتبَةٍ، حتى يصل إلى الكمال الذي يريده المربِّي فيه. ويطلق الرب في اللغة: بمعنى المعبود، والسيد المالك، والقائم بالأمور، المصلح لها. والعالَمون: جمع سلامة على غير قياس، مفردَهُ عالَمٌ، وهو كل موجود سوى الله تعالى، جُمِعَ إشارةً إلى اختلاف أنواعه وأشكاله، وهيئاته وألوانه، وسائر صفاته، وكثرته.

ولا شك أن الثناء على الله تعالى بهذا الوصف العام يحقق ما دلت عليه جملة الحمد قبله من أن كل كمال وتكميل إنما هو لله تبارك وتعالى لاستلزام هذا الوصف انفراده تعالى بجميع صفات الإلهية، وانفراده جل وعلا باختراع جميع الحوادث التي من جملتها كل نعمة وكل كمال حادث.

فإن قلت: إنما يتم الاستدلال بهذا الوصف على ما ذكرت إذا عرف بالبرهان القاطع حدوث جميع العوالم، ووجوب استنادها إلى المولى تبارك وتعالى حتى يلزم أن يكون ربًّا لجميعها، ولا دلالة لهذا الوصف على ذلك، فلا يكون وحده برهانا تاما على ما قبله.

قلتُ: بل هو برهان تامٌّ في غاية التمام لأنه قد يصح في هذا الوصف برهان حدوث جميع العوالم، وذلك مأخوذٌ من كل واحد من لفظي المضاف والمضاف إليه. أمّا لفظ المضاف فلإشعاره بالتربية الملزومة لتغيُّرِ العوالِم المرئيات من حال إلى حالٍ، وكل متغيِّرٍ حادِثٌ؛ إذ المتغيِّر بالقَبول أو بالحصول يستلزم ملازمةَ التغيّر لأحوالٍ حادثة، وملازِمُ الحادِث فهو حادِثٌ، فالعوالِمُ إذًا لملازمتها التغيّرات بالحصول أو القبول كلها حادثة، وإذا كانت حادثة وجبَ استنادُ جميعها للفاعل المختار؛ لاستحالة اندفاع عدَمِها الأصليِّ واتصافها بالوجود العرَضي الجائز بلا فاعلٍ. فقد بان بهذا أخذُ برهان الحدوث للعوالم كلها ووجوب استنادها إلى المولى تبارك وتعالى من لفظ:?پ? المضاف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير