أن الفروق بين الجنسين في الاهتمامات الاجتماعية جزء منها إحيائي ( biology) الأصل، فاعتبروا يا أولي الأبصار!
****
استخدم علماء الأعصاب في جامعة "هار?ارد"، ( Harvard) تصويراً مغناطيسياً معقداً لاختبار كيفية نشوء العاطفة، فأجروا اختبارات على أولاد تتراوح أعمارهم ما بين سن السابعة والسابعة عشرة.
فوجدوا أن الأطفال الصغار، تنشأ العاطفة عندهم في المناطق أسفل القشرة الدماغية، وهي المنطقة البدائية من الدماغ.
وبينما يظل مركز العاطفة كما هو لدى الذكور عندما تتقدم بهم السن نحو المراهقة، فإنه يتحرك لدى الإناث نحو جزء آخر أكثر تطوراً [وقدرة على الاستنباط] في الدماغ؛ نحو قشرة الدماغ، قريباً من مركز التحكم في الكلام.
ولذلك تلحظ الفرق بين الولد والبنت عندما تسأل الأول عن مشاعره فتقول: لماذا أنت حزين؟ فلا يكاد يختلف جواب ابن سبع سنين عن جواب ابن خمس عشرة سنة، بينما يختلف الأمر كثيراً لدى الإناث.
وذلك لأنا عندما نسأل الولد: بم تشعر؟
فكأنما نطلب منه أن يوصل جزئين من الدماغ ليس بينهما ترابط؛ الجزء الذي يتعلق بالعواطف، والجزء المسؤول عن التعبير. بخلاف البنات اللاتي تنتقل عاطفتهن إلى جزء قريب من مركز الكلام في الدماغ، يوضح ذلك الرسم التالي المبين محل العاطفة لدى كل جنس:
فإذا سئل طالب في سن الثالثة عشرة أن يعبر عن مشاعره حيال أي موقف، فسوف يقول: لا أعرف .. وفي داخله يقول: وما دخل الأستاذ بمشاعري!
وهذه النتيجة جاءت متسقة مع تقرير أخير صدر في ألمانيا يبين انتقال العاطفة لدى النساء إلى قشرة الدماغ، بينما تظل في موطنها البدائي للرجل.
ولعل من آثار ذلك ما وجدته الدراسات من ميل البنات إلى قراءة القصص القصيرة والروايات، بينما يفضل البنون، قراءة الأحداث الحقيقية، مثل المعارك، والأخبار التاريخية، بل ميلهم إلى بعض المواد المجردة كالرياضيات، وكذلك حبهم لمعرفة كيفية عمل الآلات، وكيف تؤثر الثعابين، وما هي أسباب انفجار البراكين، وغير ها من الأمور التي تحتاج إلى تصور مجرد بعيد عن العاطفة.
ومن التطبيقات التي يمكن أن يفاد منها فيحسن من أداء البنين في واجبات القراءة أن يطلب منهم رسم خريطة المكان الذي وقعت فيه أحداث القصة مثلاً، فيدفعهم ذلك إلى التركيز في تفاصيل القصة وتصورها، أما البنات فمجرد التفاصيل في القصة تشدهن، ويمكن سؤالهن مباشرة عن شعورهن أو كيفية تصرفهن فيما إذا كن في موقف شخصية من شخصيات القصة.
وهذا العرض يبين لك وجود فروق في طرق التعليم مبرمجة إحيائياً، تعكس فروقاً عصبية وجسدية بين الجنسين، ينبغي اعتبارها عند إرادة الحصول على نتائج أفضل أثناء العملية التعليمية. وذلك في جوانب شتى أهمها؛ تدرج السلم التعليمي للمواد فينبغي أن يوضع لكل جنس منهج يناسب استعداده وقدراته، وكذلك مما ينبغي مراعاة أسلوب الخطاب لكل جنس على حده بحيث يكون أقرب إلى إفهامه، وكل ذلك يقف الاختلاط في التعليم منذ صفوفه الأولى عائقاً دون الوصول إليه.
وقد قام معهد مايكل قرين، ( Michael Gurian) بواشنطن، بتدريس الفروق بين عقول البنين والبنات، ومن ثم تدريب المعلمين على كيفية التعامل مع هؤلاء وهؤلاء، مع تطوير قاعات دراسة تكفل مراعاة الفروق بين الجنسين، ثم بدأ المعهد في تطبيق ما أعده على أرض الواقع وتحديداً في مدرسة توماس إديسون، ( Thomas Edison) الابتدائية، فوجد تحسناً ملحوظاً، إلاّ أن بعض الإشكالات لا تزال قائمة، وهنا تعلق جنفر بنقهام، ( Jennifer Bingham) بأنه يوجد حل جذري تقليدي لهذه الفجوة في التعلم بين البنين والبنات ألا وهو فصلهم. وقد ناقشت فرضيات بعض النقاد الزاعمة بأن التدريس المختلط، يكفل تفاعلاً جيداً يؤدي إلى استفادة أحد الجنسين من الآخر، فالبنات مثلاً يستفدن من البنين في الرياضيات، والبنون يستفيدون من البنات في تطوير كتابة راقية، وبينت أن هذه الفرضيات غير واقعية لا تؤيدها الإحصاءات والدراسات.
ولعل من أسباب ذلك طبيعة العملية التعليمية المبنية على التفاعل بين الطالب
¥