تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأصّدّق وأكن من الصالحين

ـ[همس الجراح]ــــــــ[28 - 05 - 2007, 07:31 ص]ـ

تفصيل الإعراب في قوله تعالى

" رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصّدّقَ وأكنْ من الصالحين "

ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 05 - 2007, 09:59 ص]ـ

فأصدق: فاء السببية، و "أصدق": فعل مضارع منصوب، ومحل "فأصدق" هو الجزم لوقوعها في جواب "لولا" لذا ساغ عطف "أكن" عليها بالجزم.

وقرئ: وأكونَ بالنصبِ عطفاً على لفظِهِ، (أي لفظ: فأصدق)، وقُرِىءَ وأكونُ بالرفعِ أي: وأنَا أكونَ، كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.

ـ[عبير نور اليقين]ــــــــ[28 - 05 - 2007, 01:05 م]ـ

إعراب موفق أخي مهاجر، فبوركت عدد الحصى وصغار الذر! غير أنني وددت بمداخلتي التنويه إلى ما قيل من كلام الزائغين والمشككين في سلامة النقل وإمكان عطف المجزوم على المنصوب .. ؟! وللمتأمل في بيان ذلك مجال واسع في حجية على التوظيف وبلاغته في آن واحد، فهذا تمن كما لا يخفى وقد جئ بجوابه منصوبا لمكان الفاء السببية، فهو منصوب بأن مضمرة ثم جئ بعده بالمعطوف مجزوما لاقتضاء المقام ومناسبته وهو التنمي الذي يطلب الجزم، وقد قالوا في ذلك

تمن وارج وحض وانه وسل * ....................

وهذا الاستعمال قلما نجد له نظائر في كلام العرب البداة .. فهو كما قيل مما يكتب بالخواجر في النواظر!!!

ـ[عاملة]ــــــــ[28 - 05 - 2007, 05:18 م]ـ

يُمْكن أنْ نذكر هنا قول الخليل وسيبويْه؛ وهو:

أنّ العطْف هنا ليس إلاّ من قبيل العطْف على التوهّم، وذلك لامتناع القسْميْن الآخرَيْن للعطْف، أعني: العطْف على اللّفْظ، والعطْف على المحلّ.

أمّا امتناع العطْف على اللّفْظ، فواضحٌ أشدّ الوضوح، لأنّ الفعْل (أصّدّق) منصوبٌ، بينما الفعْل (أكُنْ) ـ على هذه القراءة للآية الكريمة ـ فمجْزومٌ، فلو كان العطْف من قبيل العطْف على اللّفْظ، لكان كلا الفعْليْن إمّا مجْزوماً أو منصوباً.

وأمّا امتناع العطْف على المحلّ: فبيانه يتوقَّف على تحرير أمورٍ:

1) أنّ الصّحيح عند البصريّين أنّ الفاء تبقى عاطفةً، حتّى ولو كانتْ للسّببيّة ووقعتْ بعد أحد الأمور السّتّة: الأمر والنّهْي والنّفْي والاستفهام والتمنّي والعرْض، خلافاً للجرْميّ الذي ادّعى أنّها حينئذٍ تخرج عن باب العطْف، فتصلح لنصْب المضارع بنفْسها.

2) أنّ الصّحيح عند البصريّين أيضاً، أنّ الفاء ليستْ هي ما يَعْمل النّصْب في المضارع بعْدها، وإنْ وقعتْ في جواب الأمور السّتّة المتقدّمة، بل وَجَبَ أنْ يُقَدَّر بَعْدها النّاصبة، وتكون هذه هي العامل للنّصْب، خلافاً للكوفيّين والجرْميّ.

3) أنّ أنْ النّاصبة هي المصدريّة، فتُؤَوَّل مع ما بَعْدها بمصدرٍ، ممّا يَعْني: أنّ ما بعد الفاء، وإنْ كان جُمْلةً ومركَّباً، إلاّ أنّه بعد التأويل بمصْدرٍ، يَنْدرج في باب المُفْردات، لأنّه بالتأويل يتحوّل ليكون اسماً، والاسم من أقسام الكلمة المأخوذ في تعريفها قيد الإفراد.

4) لا شكَّ ولا ريب في أنّ الأنسب رعاية المشاكلة بين المتعاطفيْن، وعليْه: فإذا كان ما بعد الفاء مُفْرداً، فالأنسب، رعايةً للمشاكلة، أنْ يكون ما قبْلها مُفْرداً أيضاً، فإنْ كان صريحاً، فهو، وإلاّ وَجَبَ تصيّده وانتزاعه من العبارة، ويُسَمّى حينئذٍ، بالمصْدر المُتَصَيَّد، أو المُتَوَهَّم. وعلى هذا، ففاء السّببيّة، لمّا كان ما بعْدها في تأويل المُفْرَد، وكانتْ عاطفةً، والعطْف يستدعي المشاكلة والمجانسة بين المعطوف والمعطوف عليه، عُلِم أنّ ما قبْلها مُفْرَدٌ أيضاً، فالفاء إذنْ، تَجْعَل العطْف من العطْف على المُفْردات لا محالة؛ وإذا أردْنا أنْ نطبّق هذا المبدأ على ما نَحْن فيه، فنقول: معنى: لولا أخّرْتني فأصَّدق، لولا يكون تأخيرٌ منكَ فتصدّقٌ منّي.

5) أنّ الفاء في الآية الكريمة واقعةٌ في جواب ، وهي هنا تتضمَّن معنى الطّلب أو التمنّي، وقد ذكروا: أنّ جزْم المضارع الواقع جواباً للطّلب، إنّما يكون بتقدير المجازاة، فيكون مجزوماً بشرْطٍ مضْمَرٍ مقدَّرٍ، لأنّ جواب الطّلب هو جواب هذا الشّرْط المحذوف في الحقيقة، وعلّة ذلك ـ كما ذكروه ـ: أنّ الطّلب غير مُفْتَقرٍ إلى الجواب، والكلام به تامٌّ بدونه، وإنّما الذي يَحْتاج إلى الجواب والجزاء الشّرْط. وعلى هذا: ففي مثْل: ائتني أكرمْكَ، الجزْم بإضمار شرْطٍ، أي: ائتني، فإنّك إنْ تأتني أكرمْكَ.

6) أنّ الشّرْط لا يُمْكن إضْماره في المقام، وذلك لوجود الفاء وعدم سقوطها، وهي سّببيّةٌ، فتَقْتضي صيرورة العطْف من باب عطْف مُفْردٍ على آخر مثْله، كما مرّ، ومعه: فلا يُمْكن إضْمار الشّرْط وتقديره، لعدم صحّة معناه بين مُفْرديْن متعاطفيْن، كما هو واضح.

والنّتيجة المتحصّلة من ضمّ هذه المقدّمات وتأليفها:

أنّ الفاء وما بَعْدها في الآية هنا، ليستْ في موْضع الجزْم حتْماً، وذلك لامتناع تقدير الشّرْط وإضْماره، فإنّ العطْف بها صار عطْفاً لمُفْردٍ على آخر، والشّرْط لا محلَّ ولا موْقع له بين مفْرديْن عُطِفَ أحدهما على الآخر، وإذا امتنع إضْمار الشّرْط، لمْ يكنْ المضارع الواقع في جواب الطّلب مُسْتحقّاً للجزْم، لِما تقدّم من أنّ العمل المذكور إنّما يَثْبت له بإضماره، وهو ممتنعٌ بحسب الفرض، وبذلك يكون عامل الجزْم ومقتضيه وطالبه مُنْتفياً ومفقوداً، وإذا كان كذلك، فأنّى لنا بأنْ تكون الفاء وما بعْدها في موْضع الجزْم؟! وهل للمعمول أنْ يُوجَد مع انتفاء العامل وعدم وجوده أصْلاً؟!

وإذ انتفى أنْ يكون في موْضع الجزْم، فكيف لأحدٍ بعد ذلك أنْ يدَّعي: أنّ الجزْم في المعطوف عليه، هو بلحاظ موْضعه، ومسبَّبٌ عن العطْف على المحلّ؟! فإنّ المحلَّ إذا انتفى، كان انتفاء العطْف بلحاظه أمْراً حتْميّاً لا محيص عنه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير