قال بعض العلماء: إن قوله: {وَمَنِ ?تَّبَعَكَ} في محل رفع بالعطف على اسم الجلالة، أي حسبك الله، وحسبك أيضاً من اتبعك من المؤمنين. وممن قال بهذا الحسن، واختاره النحاس وغيره، كما نقله القرطبي، وقال بعض العلماء: هو في محل خفض بالعطف على الضمير الذي هو الكاف في قوله: {حَسْبَكَ} وعليه، فالمعنى حسبك الله أي كافيك وكافي من اتبعك من المؤمنين، وبهذا قال الشعبي، وابن زيد وغيرهما، وصدر به صاحب الكشاف، واقتصر عليه ابن كثير وغيره، والآيات القرآنية تدل على تعيين الوجه الأخير، وأن المعنى كافيك الله، وكافي من اتبعك من المؤمنين لدلالة الاستقراء في القرآن على أن الحسب والكفاية لله وحده، كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ ءَاتَـ?هُمُ ?للَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ?للَّهُ سَيُؤْتِينَا ?للَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ?للَّهِ رَ?غِبُونَ}، فجعل الإيتاء لله ورسوله، كما قال: {وَمَآ ءَاتَـ?كُمُ ?لرَّسُولُ فَخُذُوهُ}، وجعل الحسب له وحده، فلم يقل: وقالوا حسبنا الله ورسوله، بل جعل الحسب مختصاً به ... وقال: {أَلَيْسَ ?للَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}؟ فخص الكفاية التي هي الحسب به وحده، وتمدح تعالى بذلك في قوله: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ?للَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، وقال تعالى: {وَإِن يُرِيدُو?اْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ?للَّهُ هُوَ ?لَّذِى? أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِ?لْمُؤْمِنِينَ} ففرق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده. وقد أثنى سبحانه وتعالى على أهل التوحيد والتوكل من عباده حيث أفردوه بالحسب، فقال تعالى: {?لَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ?لنَّاسُ إِنَّ ?لنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَ?خْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَـ?ناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ?للَّهُ وَنِعْمَ ?لْوَكِيلُ} وقال تعالى: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِىَ ?للَّهُ}. إلى غير ذلك من الآيات، فإن قيل: هذا الوجه الذي دل عليه القرآن، فيه أن العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، ضعفه غير واحد من علماء العربية، قال ابن مالك في (الخلاصة):
وعود خافض لدى عطف على ضمير خفض لازماً قد جعلا
فالجواب من أربعة أوجه:
الوجه الأول: أن جماعة من علماء العربية صححوا جواز العطف من غير إعادة الخافض، قال ابن مالك في (الخلاصة): وليس عندي لازماً إذ قد أتى في النظم والنثر الصحيح مثبتا
الوجه الثاني: أنه من العطف على المحل، لأن الكاف مخفوض في محل نصب، إذ معنى {حَسْبَكَ} يكفيك، قال في (الخلاصة): وجر ما يتبع ما جر ومن راعى في الاتباع المحل فحسن
الوجه الثالث: نصبه بكونه مفعولاً معه، على تقدير ضعف وجه العطف، كما قال في (الخلاصة):
العطف إن يمكن بلا ضعف أحق والنصب مختار لدى ضعف النسق
الوجه الرابع: أن يكون {وَمِنْ} مبتدأ خبره محذوف، أي {وَمَنِ ?تَّبَعَكَ مِنَ ?لْمُؤْمِنِينَ} فحسبهم الله أيضاً، فيكون من عطف الجملة، والعلم عند الله تعالى.
ـ[امل11]ــــــــ[01 - 06 - 2007, 03:20 ص]ـ
الاخوه علي المعشي , تيسير ,السماوي
أشكركم جميعاً وصلت المعلومه
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[01 - 06 - 2007, 08:39 ص]ـ
الأخ الفاضل تيسير، بعد التحية
(قلتي 000ذكرتي) لا بد من حذف الياء من آخر الكلمتين، أليس كذلك؟
ـ[تيسير]ــــــــ[01 - 06 - 2007, 11:44 ص]ـ
الأخ بشر تحية مباركة:
لعلك تشير إلى أن ياء المخاطبة لا تلحق الفعل الماضي بل تقول إشربي وتشربين وشربتِ بتاء التأنيث المكسورة لا بالياء.
ولكن الياء التي رقمت غير الياء التي عنيت فإن يائي من باب قوله صلى الله عليه وسلم في الموطأ حديث 105 طهارة" فلتغتسلْ ثم لتستثفرْ ثم لتصلي " بإثبات الياء وليست ياء الفاعلة.
ـ[مريم الشماع]ــــــــ[01 - 06 - 2007, 07:11 م]ـ
الأخ الفاضل تيسير
ولكن الياء التي رقمت غير الياء التي عنيت فإن يائي من باب قوله صلى الله عليه وسلم في الموطأ حديث 105 طهارة" فلتغتسلْ ثم لتستثفرْ ثم لتصلي " بإثبات الياء وليست ياء الفاعلة.
نرجو توضيح ما ذكرتَ هنا لو سمحت، لعلنا نستفيد.
ودمت
ـ[تيسير]ــــــــ[01 - 06 - 2007, 09:47 م]ـ
هذا لا يكون أختنا مريمُ فمن ناركم اقتبست وبحجركم قدحت.
الأمر ببساطة أنها ياءٌ متولدة من إشباع الكسرة للدلالة على قوة إسناد الفعل للمسند إليه وثبوته له ليلزم به بعد ذلك إن كان القول منكرا أو لأي غرض آخر كما الحال مع الأخت السائلة أو للتوكيد في فعل الأمر.
ولا ألتزم ذلك البته في قول النبي صلى الله عليه وسلم.
ـ[الغدير]ــــــــ[01 - 06 - 2007, 11:41 م]ـ
أتوقع أن سبب التسمية هو من باب تسمية الشيء باسم لازمه
ـ[داوود أبازيد]ــــــــ[02 - 06 - 2007, 11:03 ص]ـ
الأخ بشر تحية مباركة:
لعلك تشير إلى أن ياء المخاطبة لا تلحق الفعل الماضي بل تقول إشربي وتشربين وشربتِ بتاء التأنيث المكسورة لا بالياء.
ولكن الياء التي رقمت غير الياء التي عنيت فإن يائي من باب قوله صلى الله عليه وسلم في الموطأ حديث 105 طهارة" فلتغتسلْ ثم لتستثفرْ ثم لتصلي " بإثبات الياء وليست ياء الفاعلة.
اعلم أن الياء في (لتصلي) هي نفسها الياء في (اشربي .. وتشربين) ولا يمكن الجمع بين هذه التاء وهذه الياء في الماضي لأنهما شيء واحد، ولا يجوز إشباع كسرة هذه الياء ولا الكاف (رأيتكِ) إلا في العروض، والياء هنا في قوله صلى الله عليه وسلم (ثم لتصلي) هي الفاعل بمعنى أنتِ ولو كان المقصود مذكرا لقال (لتصلِّ) ولكن المذكر لا يستثفر، وكان الأولى أن تأتي بمثال بعيد عن مثل هذا المعنى الذي لا يناسب المقام .. ومع هذا فمثالك ليس مناسبا للمسألة، والمثال المناسب هو هل يجوز سؤال أنثى بقولنا: (هل صليتي وانتهيتي من صلاتكي) ولا أريد أن أخوض في الكاف .. فأرجو أن تتأكد من أن ما قاله الأخ بشر من وجوب حذف الياء هو الصحيح .. وفقك الله ..
¥