تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[{فأجمعوا أمركم وشركاءكم}]

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[22 - 06 - 2007, 03:31 ص]ـ

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ} يونس/71

{فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ}

لم جاءت شركاءكم منصوبة؟

قال صاحب درة الغواص:

" وفي القرآن: {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} , وسئل عن وجه انتصاب لفظة وشركاءكم إذ العطف ممتنع هنا لأنه لا يقال أجمعت شركائي وأجيب عنه بجوابين:

أحدهما: أنه انتصب انتصاب المفعول معه فتكون الواو مع لا أنها واو العطف ويكون تقدير الكلام اجتمعوا مع شركائكم على تدبير أمركم.

والجواب الثاني: أنه انتصب على إضمار فعل حذف لدلالة الحال عليه وتقديره لو ظهروا دعوا شركاءكم فتكون الواو على هذا القول قد عطفت فعلا مضمرا على فعل مظهر كما قال الشاعر

ورأيت زوجك في الوغا

متقلدا سيفا ورمحا

والرمح لا يتقيد به وإنما تقديره وحاملا رمحا,. ويضاهي لفظة أجمعت في تعديتها بنفسها تارة وبحرف الجرف أخرى لفظة عزمت فيقال: عزمت على الأمر وعزمته كما قال تعالى: {ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الأجل محله} البقرة/ 235 "

وقال صاحب المجمع:

" وأما شركاءكم بالنصب فقد قيل فيه إنه منصوب على إضمار فعل كأنه قيل وادعوا شركاءكم قالوا: وكذا هو في مصحف أبي.

وقيل: تقديره فاجمعوا أمركم واجمعوا شركاءكم, لأن أجمعوا يدل عليه.

وذهب المحققون إلى أنه مفعول معه وتقديره مع شركائكم كما أنشد سيبويه:

فَكُونُوا أَنْتُمُ وَبَني أَبِيكُمْ

مَكانَ الكُلْيَتَيْنِ مِنَ الطّحَالِ

ويقال: أجمعت الأمر وجمعت الأمر وأجمعت على الأمر أي عزمت عليه.

قال المؤرج: أجمعت الأمر أفصح من أجمعت عليه قال أبو الهيثم:

أجمع أمره إذا جعله جمعًا بعدما كان متفرقًا قال:

هَلْ أَغدْوَنْ يَوْمًا وَأَمْري مُجْمَع "

وقال صاحب الكشاف:

" {فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ} من أجمع الأمر، وأزمعه، إذا نواه وعزم عليه. قال: هَلْ أَغْدُوَنْ يَوْماً وَأَمْرِي مُجْمعُ

والواو بمعنى «مع» يعني: فأجمعوا أمركم مع شركائكم."

وقال صاحب اللباب:

" وقرأ العامَّةُ: " وشُركَاءَكُم " نصباً وفيه أوجه:

أحدها: أنَّه معطوفٌ على " أمركُم " بتقدير حذف مضافٍ، أي: وأمر شركائكم؛ كقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف:82]، ودلَّ على ذلك ما تقدَّم من أنَّ " أجمع " للمعاني.

الثاني: أنَّه عطفٌ عليه من غير تقدير حذف مضافٍ، قيل: لأنَّه يقال أيضًا: أجمعت شركائي.

الثالث: أنَّه منصوبٌ بإضمار فعلٍ لائق، واجمعُوا شركاءكم بوصل الهمزة، وقيل: تقديره: وادعوا، وكذلك هي في مصحف أبيِّ " وادعوا " فأضمر فعلاً لائقاً؛ كقوله - تعالى -: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ} [الحشر:9]، أي: واعتقدوا الإيمان.

ومثله قول الآخر:

عَلفتُهَا تِبْناً ومَاءً بَارِدًا

حتَّى شَتَتْ همَّالةً عَيْنَاهَا

أي: وسقيتها ماءً؛ وكقوله:

يا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا

مُتَقَلِّداً سَيْفا ورُمْحَا ً

وقول الآخر:

إذَا مَا الغَانِيَاتُ يَرَزْنَ يَوْمًا

وزجَّجْنَ الحَواجِبَ والعُيُونَا

يريد: ومُعْتَقِلاً رمحًا، وكحَّلنَ العُيُونا، وقد تقدَّم أنَّ في هذه الأماكن غير هذا التخريج.

الرابع: أنه مفعولٌ معه، أي: " مع شُركائكم ".

قال الفارسيُّ: وقد يُنْصَب الشُّرَكاء بواو " مع كما قالوا: جاء البرد والطَّيالسة، ولم يذكر الزَّمخشريُّ غير قول أبي علي. "

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[22 - 06 - 2007, 02:27 م]ـ

{فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ}

ذكر المحققون إلى أن " شركاءكم " مفعول معه وتقديره مع شركائكم.

ما هو المقصود بالمفعول معه؟

عرف النحاة المفعول معه بأنه كل اسم فضلة وقع بعد واو بمعنى " مع " وتقدمه فعل أو شبهه, ولم يصح أن يعطف على ما قبله.

في شرح ابن عقيل:

" المفعول معه هو: الاسم، المنتصب، بعد واو بمعنى مع. والناصب له ما تقدمه: من الفعل، أو شبهه. فمثال الفعل سيري والطريق مسرعة أي: سيري مع الطريق، فالطريق منصوب بسيري. ومثال شبه الفعل زيد سائر والطريق، و أعجبني سيرك والطريق فالطريق: منصوب بسائر وسيرك." انتهى ..

ويستفاد مما تقدم أمور:

- أن اسم المفعول اسما و ليس فعلا أو حرفا.

- أنه فضلة, أي زيادة في المعنى, يمكن الاستغناء عنها.

- أن هذا الاسم يأتي بعد واو تفيد معنى " مع".

- أن يتقدم فعل أو شبه فعل على هذه الواو والاسم معها.

- أنه لا يصح عطف هذا الاسم على ما قبله, لأن ذلك يسبب اختلالا في المعنى.

أمثلة أخرى:

استيقظ علي و أذان الفجر.

سرت والبحرَ.

استوى الماء و السفينةَ.

غادرتُ مكة و شروقَ الشمس.

فالواو في هذه الأمثلة استخدمت للمعية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير