ولكن ظهرت بعد رسالة (قضايا لن) كتب في النحو واللغة والتفسير وهي مهمة جداً، يتغيّر بسببها كثير من الأحكام التي أصدرها الدكتور أحمد هاشم فلهذا رأيت أن أعيد النظر و الكتابة في هذه القضية على حسب ما استجد فيها، وأحببت أن يكون الموضوع مستوفياً جميع قضاياها في المبنى والمعنى، متضمناً كلَّ مسائلها، شاملاً ما قيل فيها من النزاع والخلاف، محتوياً جميع مسائلها ومشاكلها في ذاتها وفي معناها وألا ينحصر البحث في قضيّتي التأكيد والتأبيد، ولست أدعي أن القارئ سيرى في هذا البحث مالم يره أحد من قبل، أو أنني جئت بشيء غير مسبوق و لكنني أقول: استطعت في هذا البحث تصحيح نسبة القول بتأكيد النفي بلن للخليل بن أحمد -رحمه الله -وليس للزمخشري كما هو متداول في كتب حروف المعاني، وكتب كثير من النحاة منهم ابن هشام الذي دأب في كتبه على مخالفة الزمخشري في قضية توكيد النفي بلن، وكتب ابن هشام تدرّس في الجامعات السعودية، كما توصَّلت إلى أن القول بتأبيد النفي بلن كان معروفاً قبل ميلاد الزمخشري بزمن بعيد، وذكرت أن الزمخشري ما هو إلا حاكٍ لأقوال من تقدمه سواء في ذلك تأكيد النفي بلن أو تأبيده، كما رجّحت نسبة القول بتأبيد النفي بلن للزمخشري -خلافاً لشيخي الدكتور أحمد هاشم-، كما جمعت في مكان واحد ما تشتت في بطون أمَّات الكتب النحوية، ولممت شمل الأسرة الواحدة التي كانت متفرقة من قبل في كتب النحو وكتب حروف المعاني وكتب التفسير وكتب المعاجم، وحسبي الجمع والترتيب والتنسيق، وجعلت البحث في ثلاثة فصول:
الفصل الأول: دراسة مبنى لن
وفق المباحث التالية
المبحث الأول: لن بسيطة أومركبة
وانتظم المطالب التالية:
المطلب الأول: رأي الخليل بن أحمد
المطلب الثاني: رأي المعارضين له،
المطلب الثالث: رأي المنتصرين له
المبحث الثاني: نون لن أصيلة أومبدلة
الفصل الثاني: أحكام لن
المبحث الأول معاقبة لن لـ (لم) في الجزم 0
المبحث الثاني: إفادة لن الدعاء
المبحث الثالث: الفصل بين لن ومعمولها 0
المبحث الرابع: تلقي القسم بلن
والفصل الثالث: معانى لن
واحتوى المباحث التالية
المبحث الأول: تأكيد النفي بلن:
وشمل المطالب التالية:
المطلب الأول: رأي الزمخشري 0
المطلب الثاني: رأي المخالفين له 0
المطلب الثالث: رأي المؤيدين له
المبحث الثاني: لن الزمخشرية
وفيه المطالب التالية:
المطلب الأول: القول بتأبيد النفي بلن
المطلب الثاني رأي الزمخشري
المطلب الثالث: رأي المعارضين له
المبحث الثالث: لن عند أصحاب المعاني
وأسأل الله لي ولأخواني المسلمين الثبات على الحق وحسن الختام، والعصمة من الضلال بعد الهدي، والتوفيق والسداد في الدارين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وسار على نهجه إلى يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 0
الفصل الأول: مبنى لن
المبحث الأول: لن بسيطة أو مركبة 0
واشتمل على المطالب التالية
المطلب الأول: رأي الخليل
روي عن الخليل بن أحمد في لن روايتان الأولى ([2]) ليست مشهورة عنه وهي: موافقة الجمهور في القول ببساطة لن 0
والرواية الأخرى ([3]) عن الخليل هي المشهورة عنه عند النحاة، ووافقه عليها الكسائي ([4])، والخازنجي ([5]) وهي القول بتركب لن من حرفين (لا) النافية، و (أن) المصدرية، ثم حذفت الهمزة من (أن) إمّا تخفيفاً، أو اعتباطاً فالتقى ساكنان: الألف، والنون؛ فحذفت الألف لالتقاء الساكنين فآلت إلى (لن) ويرى الرضي ([6]) أنها جاءت على الأصل في قول الشاعر:
يُرَجِّي المرءُ ما لا أنْ يُلاقي وتَعْرضُ دون أدناه الخطوبُ ([7])
إذ المراد ما لن يلاقي
ورُدَّ عليه بأن البيت مروي بـ (ما إنْ لا يلاقي) بتقديم (إن) وكسر همزتها على لا وبه يزول الشاهد
وذهب الشَّلَوْبينُ ([8]) إلى أن الحامل للخليل على القول بالتركيب إنما هو إرادة تقليل الأصول العاملة في الأفعال ما أمكن لتكون عوامل نصب المضارع عنده أداةً واحدة فقط هي (أن) إذ يرى الخليل أن (لن) مركبة من (لا أن) و (إذن) مركبة من (إذ أن) و (كي) ليست ناصبة بنفسها بل المضارع بعدها منصوب بأن مضمرة فلم يبق إلا (أن) وحدها تنصب المضارع 0
¥