المثبتون للترادف:
منهم: سيبويه، والأصمعي، وأبو الحسن الرماني، وابن خالويه، وحمزة بن حمزة الأصفهاني، والفيروزآبادي، والتهانوي، ومعظم المُحْدثين من اللغويين العرب يعترف بوقوع الترادف في اللغة، من هؤلاء: علي الجارم إبراهيم أنيس.
حجج المثبتين: يحتج المثبتون للترادف بما يلي:
(1) لو كان لكل لفظةٍ معنًى غير معنى الأخرى، لما أمكنَ أن نعبِّر عن شيء بغير عبارته، وذلك أنا نقول في " لا ريب فيه": "لا شكَّ فيه"، وأهل اللغة إذا أرادوا أن يفسروا (اللُّب) قالوا هو "العقل"، فلو كان الريبُ غيرَ الشك والعقل غير اللُّب لكانت العبارةُ عن معنى الريب بالشك خطأ، فلما عُبِّرَ بهذا عن هذا عُلم أن المعنى واحد.
(2) إنّ المتكلم يأتي بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد في مكان واحد تأكيدًا ومبالغةً كقوله: "وهند أتى من دونها النَّأْي والبعد"، قالوا: فالنَّأْيُ هو البعد.
(3) الترادف لا يعني التشابه التام إنما أن يُقام لفظ مقام لفظٍ لمعانٍ متقاربة يجمعُها معنًى واحد كما يقال: أصلحَ الفاسد ولمّ الشّعث ورتَقَ الفَتْق وشَعَبَ الصَّدع.
(4) وقال الطاهر ابن عاشور إذا أصبحت عدد من المفردات تدل على شيء واحد، فهي من الترادف، ولا يهمنا ما إذا كانت في الماضي تدل عليه أو على صفة فيه، مثل الحسام والهندي التي أصبحت الآن تدل على السيف ولا يلحظ معنى القطع أو الأصل الهندي فيها.
المنكرون للترادف:
منهم: ثعلب وابن درستويه وابن فارس: وأبو علي الفارسي وأبو هلال العسكري والبيضاوي
حجج المنكرين للترادف:
(1) لا يجوز أن يختلفَ اللفظ والمعنى واحد لأنّ في كل لفظة زيادة معنى ليس في الأخرى، ففي ذهب معنى ليس في مضى.
(2) الشاهد على أن اختلاف الأسماء يوجب اختلاف المعاني أن الاسم يدل كالإشارة، فإذا أُشير إلى الشيء مرة واحدة فعُرف فالإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة، وواضع اللغة حكيم لا يأتي فيها بما لا يفيد.
يبدو أن الاختلاف عائد إلى معنى الترادف، هل يعني التَّشابُه التَّامَّ في كل الأحوال؟ أم هل يعني التشابه النسبي الذي يمكن فيه أن تستعمل لفظة مكان أخرى؟ إذا كان الأول، فالتشابه مستحيل بين كلمتين بل إن بعض علماء اللغة يستبعد أن تشبه الكلمة نفسها في موضعين مختلفين، أما إذا قبلنا بالتعريف الثاني، فإننا لن نعدم عددًا من الألفاظ التي يُمكن أن تحل محل أخرى في سياقات معينة؛ فنعدها من الترادف.
أسباب الترادف
1 - فقدان الوصفية: بعض الألفاظ كانت تدل في الماضي على أوصاف محددة لاعتبارات معينة غير أنه مع مرور الزمن تُوسع في استعمالها ففقدت الوصفية واقتربت من الاسمية واكتفي بالصفة عن الموصوف، وأصبح هذا الوصف اسما، فمثل:
- المُدام: كانت صفة للخمر تعني "الذي أُديم في الدن" وهي الآن تُطلق على أنها اسم من أسماء الخمر.
- السيف: له اسم واحد هو السيف، وله أكثر من خمسين صفة لكل صفة دلالتها المميزة كالمهند "مصنوع في الهند" ومثله اليماني "مصنوع في اليمن" والحسام لحدته وسرعة قطعه.
2 - اختلاط اللهجات العربية: العربية لغة ذات لهجات متعددة تختلف في أسماء بعض الأشياء، فالشيء الواحد قد يسمى عند قبيلة بلفظ وعند أخرى بلفظ آخر، وبسبب اختلاط العرب في حروبهم ومعاشهم وأسواقهم فقد تطغى بعض الألفاظ على بعض، واشتهرت الكلمات التي تعتبر أسهل أو أفضل من غيرها فاجتمع للإنسان الواحد أكثر من لفظة للشيء الواحد، من ذلك مثلا:
- السكين يدعوها بذلك أهلُ مكة وغيرُهم وعند بعض الأزد يسميها المدية.
- القمح لغة شامية، والحنظة لغة كوفية، وقيل البر لغة حجازية.
- الإناء من فخار: عند أهل مكة يدعى بُرمة، وعند أهل البصرة يسمى قدرًا.
- البيت فوق البيت يسمى عِلّية عند أهل مكة، وأهل البصرة يسمونه غرفة.
- الحقل "المكان الطيب يُزرع فيه" وهو الذي يسميه أهل العراق القَراح.
- الجرين عند أهل نجد "المكان الذي يجفف فيه التمر والثمر" يسميه أهل المدينة المِربَد.
3 - الاقترض من اللغات الأعجمية: اختلاط العرب بغيرهم من الأمم الأعجمية من فرس وروم وأحباش أدى إلى دخول عدد من الكلمات الأعجمية في العربية، بعضها كثر استعماله حتى غلب على نظيره العربي، من ذلك:
أعجمي: النَّرجس - عربي: العَبْهر
أعجمي: الرَّصاص - عربي: الصَّرَفان
أعجمي: الياسمين - عربي: السَّمْسَق
¥