4 – آراء علماء اللغة الأوربيين في ملاحظة التَّرادف، فيرى "بلومفيلد" أن الترادف غير موجود، وإذا اختلفت الصيغ صوتيًّا وَجَبَ اختلافها في المعنى، وعلى هذا فلا ترادف، ويتَّفق "فيرث" مع "بلومفيلد"في هذه النَّظريَّة، وتعد المميزات الصوتية إحدى خصائص المعنى اللغوي، وإذا اختلفت المكونات الصوتية تغيَّر المعنى.
5 – يجب وضع منهج علميٍّ لِدراسة قضية الترادف وهو المنهج الوصفي، ويستند هذا المنهج إلى مجموعة من الأسس تتمثل في ضرورة تحديد مصطلح الترادف، ودراسة هذه القضية في فترة زمنية محددة، وتحديد بيئة الكلام المدروس، ونوع الأسلوب المدروس، كأسلوب المثقفين أو العامة، ومراعاة الموقف الذي يقال فيه الكلام.
6 – إذا نظرنا إلى الترادف نظرة عامة وبدون تحديد منهج معين فالترادف موجود، وإذا نظرنا إلى الترادف في اللغة العربية في القديم والحديث فالترادف موجود أيضًا، مع إمكانية تخريج بعض الأمثلة أو إخراج بعضها منه.
ويرى الدكتور أحمد مختار عمر أنَّ التَّرادُف التَّامَّ غير موجود، ويتمثل الترادف التام في تبادل اللفظين في جميع السياقات، وفي مستوى واحد، وفترة زمنية واحدة، وعند جماعة لغوية واحدة، وعلى هذا فلا ترادُف بين حامل وحبلى، فالأولى راقية مؤدبة والثانية مبتذلة. وإذا أمكن التبادل بين اللفظين في بعض السياقات فالترادف موجود، وهو موجود مع الكلمات التي نعجز عن بيان الفرق الدقيق في المعنى بينها، كما في يثب ويقفز، ويجري ويعدو، ومضيء ومنير.
طرق دراسة الترادف:
عرفنا الترادف فيما مضى، وهو موجود في اللغة حيث يُسمح بالتبادل بين بعض الألفاظ ولا يسمح مع البعض الآخر، والتَّرادُف التَّامّ غير موجود، فلا يُرادِف اللفظ ترادفًا تامًّا إلا اللفظ نفسه، والموجود ألفاظ بينها قرب دلالي.
ويمكن دراسة الترادُف في ضوء نظرية السياق باشتراك الألفاظ المترادفة في جانب من الدلالة الأصلية، وانفراد كل لفظ بجانب من الدلالات الهامشية يميزه من غيره، كما نستطيع دراسة الترادف في ضوء نظرية الحقول الدلالية بانتماء الألفاظ المترادفة إلى حقل دلالي معين، وتفرعها فروعًا رئيسة وجزئية حتى نصل إلى ما يميّز اللفظ من غيره، والألفاظ المترادفة وفق نظرية التحليل التكويني يوجد بها عدد من المحدّدات الدلالية العامَّة وينفرد كل لفظ بملمح دلالي واحد يميزه من غيره.
الخلاصة:
إنَّ التَّرادف ظاهرة عامة ومن ثَمَّ فإنَّ إنكاره تمامًا أو رفضه تمامًا يتَّسم بشيء من المغالاة، ونحن نرى أن انتماء الألفاظ المترادفة إلى اللغة المكتوبة "الفصحى" أو المنطوقة "اللهجات" أمر ضروري، فلا نخلط الألفاظ المترادفة بين الفصحى ولهجاتها وبناء على ذلك فإن كلمة "ولية أو جماعة" لا ترادف عقيلة أو قرينة، ويقال نفس القول بالنسبة لكلمة "مدام"، ويختلف الأمر بالنسبة للفصحى، فمادام اللفظ داخلاً تحت هذا المستوى فإنه صالح لكي يحكم عليه بالترادف إذا تم التبادل بينه وبين غيره من الألفاظ القريبة منه دلاليًّا دون أن يتغير المعنى، وليس شرطًا حينئذ أن نحكم على الكلمة بأنها محترمة أو راقية أو تنتمي إلى طبقة عليا، ويساعدنا هذا على التأريخ للألفاظ المترادفة، ومعرفة ما بينها من فروق دلالية.
إن علاقة الاستبدال ليست مُطلقة، وهي مرتبطة بالمعنى، واستقامته شرط أساسي "لصحة تبادل المواقع أو الاستبدال، ودرجات القرابة بين الوحدات المعجمية ليست واحدة، فالعلاقة بين أم ووالدة ليست كالعلاقة بين أم ومرضع، أو أم وزوجة، وتشترك الكلمات: ثانية ودقيقة وساعة ويوم وأسبوع، وشهر وسنة في ارتباطِها بوحدة دلالية واحدة وهي الزمن، ولكن التبادل بينها في سياق واحد يغير المعنى، ونرى هنا وجود علاقة التدرج والتضمن.
إننا بحاجة إلى استشارة المعجم لتحديد الدلالة الأصلية، والسياق لتحديد الدلالات الهامشية والربط بين الدلالتين، ثم نصنّف درجات القرابة، ونحدّد المستوى اللغوي، ونقوم بعملية الاستبدال، ونحكم بعد ذلك بوجود الترادف أو عدمه.
ـ[قافلة النور]ــــــــ[20 - 02 - 2008, 05:49 م]ـ
موضوع قيم بارك الله فيك:)
ولكن لا تغفل المرة القادمة إن شاء الله عند وضع موضوع جديد أن تنوه بأنه منقول أو من مصدر ما.