فأصل أب وأخ أبو وأخو وأصل حم حمأ بالهمز (وقيل بالواو وقيل بالياء) وكلها على زنة فعل كقلم شأن بني.
حذف الحرف الأخير في هذه الكلمات الأربع لعلة أو أخرى، جملة واحدة أو على مراحل؛ على آقوال نجدها في المعاجم. ما يهمنا هنا أن الحرف الأخير (لام الكلمة) قد حذف.
أما بني فحذفت الياء وعوض عنها همزة في أولها وسكن الباء. (يرى البعض أن علة حذف الحرف الأخير هو أن هذه الأسماء ملازمة للإضافة في الغالب فكرهوا توالي أكثر من ثلاث حركات، ثلاثة في هذه الألفاظ وواحدة على الأقل أول المضاف إليه، فحذفوا الحرف الأخير أو أعلوه ألفا لازمة وبقي هذا في لغة القصر، وحذف فيما سواها)
أي أنهم سكنوا الباء من ابن لعلة كراهة توالي أكثر من ثلاث حركات.
ولم يعوضوا في أب وأخ كيلا يلتقي همزتان في أول الكلمة فيضطروا لإعلال آخر، أما في حم فما كانوا ليحذفوا همزة ويعوضوا عنها بهمزة.
لننظر الآن فيما لو أردنا استخدام المفرد المؤنث من هذه الكلمات.
أما أب فلا حاجة لتأنيثه، لاستغنائهم بأم، وأما أخ فلم يقولوا أَخَةً. يقول السهيلي: (فلو فعلوا ذلك لكانت تلك التاء حرف إعراب في الإضافة والإفراد، ولم يمكنهم أن يعيدوا المحذوف في الإضافة تتميما للَّفظ فيخالف لفظه لفظ المذكر، ولا أمكنهم من تطويل الصوت بالحركات ما أمكنهم في التذكير لأن ما قبل تاء التأنيث ليس بحرف إعراب)
فأتوا بالحرف الناقص (الواو المحذوفة من أخ) وقلبوها تاء.
يقول السهيلي: (ولا أمكنهم نقصان اللفظ في الموطن الذي نقص فيه المعنى فجمعوا بين الأغراض بإبدالها تاء، لتكون في حال الإفراد علما (أي علامة) للتأنيث، وفي حال الإضافة من تمام الاسم كالحرف الأصلي، وسكنوا ما قبلها لتكون بمنزلة الحرف الأصلي وضموا أول الكلمة إشعارا بالواو)
بمعنى أن (أخت) أصلها أَخَوٌ المذكر أبدلت واوه تاء واستعيض بها عن علامة التأنيث وضموا همزة أخت (المفتوحة أصلا) إشعارا بأن أصلها الواو.
وكذلك فعلوا في بنت من بني، يعني أبدلوا من يائها تاء واستغنوا بها عن علامة التأنيث. يقول السهيلي (وكسروها في بنت إشعارا بالياء لأنها من بنيت)، وهذا مما يرجح كون الياء هي الحرف المحذوف من ابن.
ومما يدل على أن التاء في بنت وأخت ليستا للتأنيث بل أغنتا عن علامة التأنيث، ما قاله سيبويه رحمه الله أنك لو سميت رجلا ببنت أو أخت لصرفته، ولو كانت التاء علامة تأنيث لمنع من الصرف.
أما ابنة فهي مؤنث ابن على اللفظ.
ننتقل إلى حالة التثنية فنقول:
أما ابن وابنة وبنت فتثنى على اللفظ فنقول ابنان ولا نقول بَنَيان لاستغنائهم بالمعوض عن المعوض عنه، ولا ابنيان كيلا يجمعوا بين المعوض والمعوض عنه. ونقول في بنت ابنتان و بنتان.
وأما أخ وأخت، فنقول في تثنية أخ أخوان برد الواو المحذوفة، ونقول في أخت أختان استغناء بالمعوض عن المعوض عنه.
أما في جمع السلامة فجمعوا ابن على بنون ولم يردوا المحذوف، ولم يعوضوا عنه.
يقول السهيلي رحمه الله: (فلإن قيل فما بالهم يقولون في جمع ابن بنون، وهو جمع على حد التثنية، فلم لم يقولوا ابنون كما قالوا ابنان؟
قلنا إن الجمع قد يلحقه التغييرات بالتكسير وغيره بخلاف التثنية فإنها لا يتغير فيها لفظ الواحد بحال. مع أنهم رأوا أن جمع السلامة لا بد فيه من واو في الرفع وياء مكسور ما قبلها في النصب والخفض، فأشبهت حاله حال ما لم يحذف منه شيء، وليست هذه العلة في التثنية إذا تأملتها)
أما ابنة وبنت فلم يجمعوهما ابنات ولا بنتات كما قالوا ابنتان وبنتان بل اكتفوا ببنات بفتح الباء حملا على بنون وبنين. يقول السهيلي رحمه الله: (فإنهم حملوا جمع المؤنث على جمع المذكر لئلا يختلف، والله أعلم).
وأنا أقول والله أعلم وهو الموفق والهادي.
و
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?60651- هل-التاء-للعوض-أم-للتأنيث؟ & highlight=%C8%E4%C7%CA