[عن صور وأسباب ضعف العامل]
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 10:16 ص]ـ
هذه بعض الفوائد عن صور وأسباب ضعف الفعل وما ينوب عنه من العوامل، جمعتها من خلال تصفح بعض شروح النحو، أسأل الله، عز وجل، أن ينفع بها، وقد أفردت كل عامل بعنوان مستقل:
فمع:
الفعل:
وهو أقوى العوامل ولذا يعمل مقدما ومؤخرا، ويعمل في المضمر: سواء أكان متصلا أم منفصلا، و: المظهر، ويعمل مقدرا كما في باب الاشتغال، إذ يقدر للمعمول المقدم عامل من جنس مفسره المتأخر.
ولكن عمله يضعف إذا كان مقدرا، كما في باب الندبة، فإن ياء النداء المستعملة فيه، تدل على فعل محذوف تقديره: أدعو، وهو فعل متعد بنفسه، فتقول: أدعو الله أن يحفظك، ومع ذلك تعدى باللام المفتوحة في نحو قول عمر رضي الله عنه: يالَله لِلمسلمين، لأنه عمل مقدرا، فأضعف عدم ذكره عمله حتى صار مفتقرا إلى ما يقويه فجاءت اللام من أجل ذلك.
بتصرف من "شرح قطر الندى"، ص218، الحاشية رقم: 2، من تعليقات الشيخ محمد محيي الدين رحمه الله.
ومن أسباب ضعفه أيضا:
تقديم المعمول، إذ يصيره لازما بعد أن كان متعديا في نحو قوله تعالى: (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)، إذ الفعل: "تعبرون"، متعد بنفسه، فيقال في غير القرآن: إن كنتم تعبرون الرؤيا، فلما تقدم المعمول، أفاد القصر والتوكيد، واحتاج الفعل إلى لام توصله إلى المعمول.
وكذا:
أنه يحتاج لما يوصله إلى معموله إذا ضمن معنى فعل لازم، كما في قوله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)، إذ الفعل: يخالف متعد بنفسه، فيقال في غير القرآن: فليحذر الذين يخالفون أمره، فلما ضمن معنى الفعل: "يخرجون"، وهو لازم لا يتعدى بنفسه احتاج إلى "عن" ليصل إلى معموله.
*******
واسم الفعل:
وهو فرع على الفعل، فعمله أضعف منه، لأن الفرع أضعف عملا من أصله، فلا يعمل إلا في متأخر، ولا يعمل إلا مذكورا، فإن ورد في كلام العرب ما ظاهره عمله متأخرا أو مقدرا، فهو مؤول من قبيل:
يا أيها المائح دلوي دونكا ******* إني رأيت الناس يحمدونكا
فتقدير الكلام: يا أيها المائح خذ دلوي دونكا.
ولا يقال بأن العامل المقدر من جنس العامل المفسر، فيكون تقدير الكلام: يا أيها المائح دونك دلوي دونكا ......... ، لأنه لا يقوى على العمل مقدرا، كما سبق.
وقد رجح بعض النحاة أن: "دلوي" مبتدأ، ودونك: اسم فعل أمر وضميره مستتر فيه وجوبا كفعل الأمر، والمفعول: ضمير مستتر تقديره هو، فآل الكلام إلى: دلوي دونكه، فتكون جملة: "دونكه": في محل رفع خبر المبتدأ: "دلوي"، فكأنه قال: دلوي خذه، ولا إشكال في وقوع الخبر جملة طلبية، كما في قول العذري:
وجد الفرزدق أتعس به ******* ودق خياشيمه الجندل
خلافا لأبي بكر بن الأنباري، رحمه الله، الذي منع ذلك.
بتصرف من "شرح شذور الذهب"، ص417_419.
وقد خالف الكسائي، رحمه الله، فأجاز عمله متأخرا كالفعل، استدلالا بقوله تعالى: (كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)، فجعل "كتاب الله" معمولا لاسم الفعل المتأخر: "عليكم"، فتقدير الكلام: الزموا كتاب الله، والبصريون يجعلون: "كتاب الله " نائبا عن العامل: كَتَبَ، فتقدير الكلام: كتب الله ذلك عليكم، كما في: ضرباً زيدا، فهو نائب عن العامل: اضرب، وسقيا لك فهو نائب عن العامل: سقاك الله، وقوله تعالى: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ) فهو نائب عن العامل: فاضربوا الرقاب ......... إلخ.
بتصرف من "شرح قطر الندى"، ص256.
ومن علامات ضعفه أيضا:
أن الفعل المضارع لا ينصب إذا أتى بعد اسم الفعل الأمر متصلا بفاء السببية، فلا يقال: صه فنستريحَ، أو: نزال فأكلمَك، خلافا للكسائي، رحمه الله، الذي أجاز النصب مطلقا، وابن جني وابن عصفور، رحمهما الله، اللذين أجازا: نزال فنحدثَك، ومنعا: صه فنستريحَ، لأن اسم الفعل في الأول من مادة عامله: "انزل"، بخلاف: "صه" فليس من مادة: "اسكت"، بينما الفعل ينصب إذا اتصل بفاء السببية بعد فعل الأمر مطلقا.
بتصرف من "شرح شذور الذهب"، ص324، 325.
¥