تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والقول الثاني أن حروف العلة أشبهت الحركة، لأن الحركة مأخوذة منها، فتنزلت هذه الحروف منزلة الحركات، فكما أن الجازم إذا دخل يحذف الحركة فإنه إذا دخل على هذه الأفعال لن يجد حركة في الآخر فيحذف الحرف، لأنه بمنزلة الحركة. وهذا تعليل السيرافي (16)، والأعلم (17)، وابن فضال (18)، وأبي البركات الأنباري (19)، والعكبري (20)، والرضي (21). وذكره السيوطي عن ابن مالك (22).

وذكر هذه العلةَ ابنُ أبي الربيع في البسيط حيث قال: " وأما ما رفع بالضمة مقدرة فكل ما آخره ياء أو واو، فتعلم أنه مرفوع بسكون الواو والياء، فتنزلت بذلك الواو والياء منزلة الضمة، فكما زالت للجازم زالت الواو والياء، وجرت الألف مجراها " (23).

ولما ذكر أبو حيان هذا القول قال: " هكذا قرر هذا الشيوخ. ونقول: الذي يقتضيه النظر أن هذه الحروف انحذفت عند الجازم لابالجازم. يدل على أنها لم تحذف للجزم شيئان:

أحدهما: أن الجازم لايَحْذِفُ إلا ما كان علامة للرفع، وهذه الحروف ليست علامة للرفع، وإنما علامة الرفع ضمة مقدرة فيها.

والآخر: أن الإعراب زائد على ماهية الكلمة، والواو والياء في نحو: يغزو، ويرمي من الحروف الأصلية، إذ هما من الغزو والرمي، والألف في نحو يغشى منقلبة من أصل، لأنه من الغِشْيان ... وحرف الجزم لايَحْذِفُ الحرف الأصلي .. فكان القياس يقتضي أن يحذف الجازمُ الضمة المقدرة في الحروف، ولكن يبقى المجزوم بصورة المرفوع لو اقتصر على لك، فحذف الجازم الضمة المقدرة، وحذفت هذه الحروف لئلا يلتبس المجزوم بالمرفوع، لكون الصورة تكون واحدة " (24).

والذي أرجحه القول الثاني، وهو أن الجازم حَذَفَ الحرفَ، لأنه يمنزلة الحركة، ولم يجد الجازم حركة يحذفها، لكون أحرف العلة في آخر الأفعال المضارعة ساكنة في الرفع.

وأما ما ذكره أبو حيان فيمكن الإجابة عنه بما يلي:

أولاً: ما المانع أن يحذف الجازم ما ليس علامة للرفع، إذ لا يجب أن يتفرع الجزم على الرفع.

ثانياً: أن الإعراب قد لا يكون زائداً على الكلمة، فالأسماء الستة تُعرب بالحروف، وهي أصلية في الكلمة.

ثالثاً: أن الحذف لو كان معتبراً به التمييز بين صورة المرفوع وصورة المجزوم لكان المعتل بالألف - أيضاً - يحتاج إلى تمييز في النصب، ولم يحذفوا الألف لتمييز المنصوب عن المرفوع، إذ يقال: زيد يسعى، و: زيد لن يسعى. يضاف إلى ذلك أن الناصب قد يُضمر فتزداد الحاجة إلى التمييز، ولم يجعلوا شيئاً يميز بينهما.

ومما يبعد التباس الصورتين أن عامل الرفع معنوي، وعامل الجزم لفظي، إلا إنْ حُذف. والله أعلم.


(1) مجيب الندا 1/ 135 - 136، وحاشية ابن حمدون على شرح المكودي 1/ 49.
(2) الكتاب 1/ 23.
(3) شرح السيرافي 1/ل 92ب.
(4) كُتبت الفاء تاءً، وهو خطأ.
(5) الأصول 2/ 164.
(6)، (7) حاشية الشيخ يس على مجيب الندا 1/ 136.
(8) التبصرة والتذكرة 1/ 91.
(9) التذييل والتكميل 1/ 202 - 203 (هنداوي).
(10) توضيح المقاصد 1/ 161.
(11) فتح الرب المالك ص102.
(12) حاشية الخضري على ابن عقيل 1/ 51.
(13) همع الهوامع 1/ 178.
(14) الملخص ص112.
(15) ينظر: التذييل والتكميل 1/ 202 (هنداوي)، وتوضيح المقاصد 1/ 116، وحاشية الخضري 1/ 51.
(16) شرح الكتاب 1/ 92أ.
(17) النكت 1/ 128 - 129.
(18) شرح عيون الإعراب ص69.
(19) أسرار العربية ص322 - 323.
(20) شرح اللمع ل51أ.
(21) شرح الكافية 2/ 230.
(22) همع الهوامع 1/ 178.
(23) البسيط 1/ 215.
(24) التذييل والتكميل 1/ 202 - 203 (هنداوي).
* تنظر المسألة في: الكتاب 1/ 23، والأصول لابن السراج 2/ 164، وشرح السيرافي للكتاب 1/ل92، والتبصرة والتذكرة 1/ 91، وشرح المقدمة المحسبة 2/ 340، وشرح عيون الإعراب ص68 - 69، وأسرار العربية ص322 - 323، وشرح اللمع للعكبري ل151أ، وشرح المقدمة الجزولية 1/ 453، وشرح الكافية للرضي 2/ 230، والبسيط 1/ 215، والملخص ص112، والتذييل والتكمييل (هنداوي) 1/ 202 - 203، وتوضيح المقاصد 1/ 116 - 117، وهمع الهوامع 1/ 178، وفتح الرب المالك ص102، ومجيب الندا 1/ 134، وحاشية يس على التصريح 1/ 87، وحاشية يس على شرح الفاكهي للقطر 1/ 136، وحاشية ابن حمدون على شرح الكودي 1/ 49، وحاشية الصبان على الأشموني 1/ 112،وحاشية الخضري على ابن عقيل 1/ 51، والكواكب الدرية 1/ 42 - 43.

ـ[الصدر]ــــــــ[02 - 11 - 2004, 12:13 ص]ـ
لم آت إلا من أجل الإشادة بما قدمته أستاذنا خالد الشبل

ولي عودة تأملية فيما بعد. جزيت خيرا.

تحاياي

ـ[فهد آل الخليفة]ــــــــ[02 - 11 - 2004, 01:04 ص]ـ
هذا هو خالد الشبل
له من اسمه نصيب
بارك الله فيك أستاذي ونفع بعلمك

ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[03 - 11 - 2004, 09:45 ص]ـ
الأستاذ الصدر
الأستاذ فهد آل الخليفة

أشكركما على لطيف عباراتكما، وبانتظار العودة التأملية.
لكما تحياتي.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير