تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأول: المجاوزة كـ (عَنْ). قال ابن هشام في المغني: فقيل تختص بالسؤال نحو: (فاسأل به خبيرًا) وقيل لا تختصُّ به لقوله تعالى: (يسعى نورهم بين أيدهم وبأيمانهم) أي، وعن أيمانهم. وقال المرادي: وهو كثير بعد السؤال قليل بعد غيره، لذا قال البيتوشي:" والأُولى اخصص بتالي سألا". وقال بعدُ مُمَثِّلاً لما ذكر ملمحًا للآية:

جَرَّبتُ منْ أوثقني أسيرَا=لا فَكَّ لي فاسْأل به خبيرَا

أي قيدني بقيد الحب فلا فكاك لي من أسره علمًا وخبرة مني بقسوة قلبه. والباء في (اسأل به) بمعنى (عن) أي، اسأل عنه رجلاً خبيرًا به.

الثاني من معاني الباء المصاحبة كـ (مع) نحو: (اهبط بسلام منا) أي، مع سلام. ومثَّلَ له ملمحًا بقوله:

للهِ يا مُعْمِلَ هذي الوَجَنَا=نَحْوَهُمُ اهْبِطْ بسَلامٍ مِنَّا

لله متعلق باهبط. ومُعمِل من أعمل البعير إذا حمله على عمل السير وساقه. والوجناء الناقة الصلبة الغليظة الوجنتين. وباء بسلام بمعنى مع للمصاحبة أي، اهبط متلبسًا بسلام منا.

الثالث: معنى (من) التبعيضية. وممن ذكره الأصمعي والفارسي ونُقل عن الكوفيين، وقال ابن قتيبة وابن مالك استدلالا بقوله تعالى: (يشرب بها عباد الله) أي، منها، وقول الشاعر:

شربن بماء البحر ثم ترفعت ** متى لجج خضر لهن نئيج

ومثَّل له ملمحًا بقوله:

قالتْ دموعي إذ أتاني يسري=طيفُ حبيبي اشْرَبْ بماءِ البحرِ

وباءُ بماء بمعنى (من) والتقدير: قالت دموعي وقت اتيان حبيبي إلي اشربْ يا طيف من ماء البحر، تعني به نفسها.

الرابع: الظرفية، وعلامتها أن يحسن في موضعها (في) كقول الأعشى:

ما بكاء الكبير بالإطلال ** وسؤالي وما يرد سؤالي

الخامس: معنى (على) للاستعلاء نحو قوله تعالى: (وإذا مروا بهم) أي، عليهم.

ومثَّل للرابع والخامس ملمحًا بقوله:

وما بُكَا الكبيرِ بالإطْلالِ=مرَّتْ بها سوالفُ الأحوالِ

بكا يقصر كما هنا ويمدُّ. والإطلال كالطلول جمع طلل لما شخص من آثار الدار. والأحوال جمع حول بمعنى السنة.

وهكذا يمضي البيتوشي ممثلا وملمحًا لكل معنى حتى إذ انتهى شرح المعاني السبعة الأخرى للباء التي لم يرد ذكرها في النظم.

وقد ضمَّن البيتوشي شرحه فوائد لطيفة وتنبيهات مفيدة، منها على سبيل المثال ما ذكره عند حديثه عن (لن) من الحروف الثنائية، قال: (4)

ولَنْ لدى الفَرَّاءِ مِنْ (لا) مِثْلَ (لَمْ) =تفَرَّعتْ لكنَّهُمْ قالوا زَعَمْ

اخْتُلِف في (لن) فذهب الفراء إلى أنها هي (لا) أبدلت ألفها نونًا كدعواه في (لم) قال المرادي: وهو ضعيف، لأنها دعوى لا دليل عليها ولأن (لا) لم توجد ناصبة في موضع، والجمهور وهو قول سيبويه إلى أنها بسيطة ... (فائدة) قال سيبويه: لن أضرب نفيٌ لقوله سأضرب كما أن لم أضرب نفي ضربت.

وجازَ أن يسبقها معمولُ ما=تدْخُلُه لا (أنْ) على خُلْفٍ نَما

في الكُلِّ مَعَ ضعفٍ وفيه انْشِدا=هواهُ لن أنسى وإن طالَ المدى

نما من قولهم: نما الحديث، إذا ارتفع وشاع. وانْشِدا بصيغة الأمر، وألفه مبدلة من نون التوكيد الخفيفة للوقف، كما تقول في (قفن): قفا.

[ size=3] أجازوا تقديم معمول مدخول (لن) عليها ولو تمييزًا لكن على قلة كما قاله ابن مالك نحو: زيدًا لن أضرب " خلافًا لأبي الحسن عليّ بن سليمان البغدادي الأخفش الصغير، ومنعوا ذلك في (أن) الناصبة خلافًا للفراء ... (تنبيه) قولي " في الكل" إدخال (أل) على (كل) و (بعض) أنكره الأكثر لوجوب إضافتهما لفظًا أو نية حتى قيل إن تنوينهما عوض عن المضاف إليه، وأجازه ابن درستويه، قال أبو حاتم: استعملها سيبويه والأخفش في كتابيهما لقلة علمهما بهذا النحو. وفي القاموس: الكل بالضم اسم لجميع الأشياء إلى أن قال: ويقال كل وبعض معرفتان لم يجيء عن العرب بالألف واللام، وهو جائز. انتهى. وقال أبو العلاء المعري: كان أبو علي يجيزه ويدعي إجازته على سيبويه، فأما الكلام القديم فيفقد فيه (الكل) و (والبعض) وقد انشدوا بيتًا لسحيم:

رأيت الغني والفقير كليهما ** إلى الموت يأتي الموت للكل معتمد

وختامًا، آمل أن أكون قد وفقت في هذا العرض الموجز لكتاب رأيته مفيدًا شائقًا، كما آمل أن يفيد منه طلبة العلم ومحبوالعربية، فالفائدة هدفي وحصولها أملي.

والله الموفق

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير