معذرة إن كان ثمة تأخر في الإجابة، فقد تعذر علي الدخول البارحة.
أما بالنسبة لحذف نون من وألف على، أو ألف على ولامها، فالظاهر جوازه في سعة الكلام وخصه بعضهم بالشعر، وأجازه بعضهم في أفصح الكلام وهو كلام الله تعالى على ما يأتي بيانه إن شاء الله.
أما في الشعر فورد كثيرا - خصوصا حذف نون من - في الشعر الجاهلي والإسلامي بما يخرج به عن حد الضرورة إلى حد القياس في سعة الكلام، وإن كان الأفصح بلا شك إثبات النون.
ولكنهم اشترطوا دخول (من) و (على) على كلمة مبدوءة بأل قمرية، فإن كانت شمسية أثبتت النون.
وإليك بعضا مما ورد في ذلك من كلام النحاة وتخريجاتهم:
* قال المبرد في الكامل: (وقوله: غداة طفت علماء بكر بن وائل
وهو يريد على الماء، فإن العرب إذا التقت في مثل هذا الموضع لامان استجازوا حذف إحداهما استثقالاً للتضعيف، لأن ما بقي دليل على ما حذف، يقولون علماء (ع الماء) بنو فلان كما قال الفرزدق:
وما سبق القيسي من ضعف حيلة ... ولكن طفت علماء قلفة خالد
وكذلك كل اسم من أسماء القبائل تظهر فيه لام المعرفة فإنهم يجيزون معه حذف النون التي في قولك بنو لقرب مخرج النون من اللام، وذلك قولك: فلان من بلحارث وبلعنبر، وبلهجيم.)
وقال في المقتضب:
(ومما حذف استخفافاً لام ما ظهر دليل عليه قولهم في كل قبيلة تظهر فيها لام المعرفة، مثل بنى الحارث، وبني الهجيم وبني العنبر: هو بلعنبر، وبلجهم، فيحذفون النون لقربها من اللام لأنهم يكرهون التضعيف. فإن كان مثل بني النجار والنمر، والتيم لم يحذفوا، لئلا يجمعوا عليه علتين: الإدغام، والحذف.
ويقولون: علماء بنو فلان، يريدون: على الماء فيحذفون لام على، كما قال:
وما سبق القيسي من ضعفٌ حيلةٍ ... ولكن طفنت علماء قلفة خالد)
وفي اللباب نقلا عن الفراء: (ثم قال الفرَّاءُ: [الرجز]
3027 - كأنَّ مِنْ آخِرِهَا إلقَادِمِ ... يريد: إلى القادمِ؛ فحذف اللاَّم وتوجيهُ قولهم من آخرها إلقادم أنَّ ألف» إلى «حذفت لالتقاءِ الساكنينِ، وذلك أنَّ ألف» إلى «ساكنةٌ، ولام التَّعريف من القادم ساكنة، وهمزة الوصل حذفت درجاً، فلما التقيا حذف أولهما فالتقى لامان: لام» إلى «ولام التعريف، فحذفت الثانية على رأيه، والأولى حذف الأولى؛ لأنَّ الثانية دالة على التعريف، فلم يبق من حرف» إلى «غير الهمزة فاتصلت بلام» القادمِ «فبقيت الهمزة على كسرها؛ فلهذا تلفظ بهذه الكلمة» مِنْ آخرِهَا إلقادِمِ «بهمزة مكسورة ثابتةً درجاً؛ لأنها همزة قطع. قال أبُو شامة: وهذا قريبٌ من قولهم:» مِلْكذبِ «و» عَلْماءِ بنُو فُلانٍ «و» بَلْعَنْبَرِ «يريدون: من الكذبِ، وعلى الماءِ بنُو فُلانٍ، وبنُو العَنْبرِ، قال شهابُ الدين - رحمه الله-: يريدُ قوله: [المنسرح]
3028 - أبْلِغْ أبَا دَخْتَنُوسَ مألُكَة ... غَيْرُ الذي قَد يُقَالُ مِلْكَذبِ
المأكلة: الرِّسالة، وقول الآخر: [الطويل]
3029أ- فَمَا سَبَقَ القَيْسِيُّ مِنْ سُوءِ فعلهِ ... ولكِنْ طَفَتْ عَلْمَاءِ غُرْلَةُ خَالدِ
الغُرْلة القُلفة، وقول الآخر: [الخفيف]
3029ب- نَحْنُ قَوْمٌ مِلْجِنِّ في زيِّ ناسٍ ... فَوْقَ طَيْرِ لَهَا شُخُوصُ الجِمالِ
يريد: مِن الجنِّ. قال التبريزي في شرح الحماسة: وهذا مقيسٌ، وهو أن لام التعريف، إذا ظهرت في الاسم حذف الساكنُ قبلها؛ لأن الساكن لا يدغم في الساكن؛ تقول: أكلتُ مالخُبْزِ، ورَكْبَتْ مِلخَيْلِ، وحَملتُ مِلْجَمَلِ.
وقد ردَّ بعضهم قول الفرَّاء بأنَّ نون» مِنْ «لا تحذف إلاَّ ضرورة، وأنشد: [المنسرح]
3030 - . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . ملْكَذب)
وجاء في التفاسير ومنها البحر المحيط لأبي حيان عند قوله تعالى متكئين فيها على الأرائك:
(وقرأ ابن محيصن: {على الأرائك} بنقل الهمزة إلى لام التعريف وإدغام لام على {فيها} فتنحذف ألف {على} لتوهم سكون لام التعريف والنطق به علرائك ومثله قول الشاعر:
فما أصبحت علرض (على الأرض) نفس برية ... ولا غيرها إلاّ سليمان بالها)
وفي شرح شافية ابن الحاجب:
¥