أنت بهذا كأنك تتقصد هدم العلاقة بين المعنى الأول والمعنى الثاني فراراً من الإقرار بالمجاز أو التجوز، غافلاً أو متغافلاً عن أنك في فرارك هذا تحرم نفسك التمتع بجمال الكلام وبهائه ورونقه.
عجيب أمرك ...
تدعى التمتع بالحسن وجمال الكلام في مذهبك ومذهبك في نفي المجاز قد جردك منه؟
لو لم يكن الإدماء والجرح في الأصل لنزول الدم، لما كان لاستعمال الشاعر لـ"الإدماء" و"الجرح" في احمرار الوجنتين أي جمالٍ، ولو لم يكن لهذه الأمثلة التي ذكرتها معان تتبادر إلى الذهن، ثم ينصرف عنها لوجود قرينة مانعة ما كان لها شيء من الجمال الذي تدعيه.
هذا هو سر المجاز والتجوز: تستعمل اللفظ في معنى يتبادر معناه الأول إلى أذهان الناس، ثم ينصرفون عنه إلى غير لوجود قرينة مانعة من إرادة هذا المعنى، ثم تجد الإعجاب والحسن إنما هو في قدرة الشاعر على الربط بين هذه المعاني وعقد القران فيما بينها، ولو لم يكن الأمر كذلك، لم يكن عندك للبيان وللجمال وللروعة أي معنى إلا زعماً تزعمه لنفسك وأنت منه براء.
نحن مثبتتة المجاز نعجب لجمال هذا التجوزات، ونتمتع بهذا الحسن ...
أما أنت فضربتَ بينك وبين هذا الجمال بسورٍ لا باب له؟!
ثم تزعم بعد ذلك أنك أسعد بمواطن الجمال في الاتساع من مثبتتة القسمة، من وجوه لو تأملت ما تزعمه أهمَّها عرفتَ أنك أتعسُ حظاً، ذلك:
1. أن مثبتة القسمة لم يلزموا أنفسهم ما ألزمت به نفسك من التوقف بحجة أننا قد نحمل كلام المتكلم على وجه لم يخطر بباله. فهم يحملونه على معهود الناس في الألفاظ والمعاني، ويلزمون المتكلم والسامع بهذا.
2. ولأنك في بحثك الدائم عن القرائن قد تضرب صفحاً عن الكلام الظاهر بحجة أنه قد تكون هناك قرينة صارفة له عن هذا الوجه الظاهر الذي أراه فيه، وفي هذا تطويل لا نفع فيه.
فأنى لك أن تكون أسعد منا حالاً؟!
أما قولك:
وختاماً: فثم وجه آخر من التحليل لكثير من الكلمات الحادثة كالكمبيوتر وإثبات كونها تعود لكونها تعديد مضافات خارجية للفظ سابق ولكنه ألصق بالبحث الدلالي العام منه بقضية المجاز ..
.
فلا أظنه يجاوز تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز، أيّاً ما سميتَ.
هذا والله أعلم ...
وصلِّ اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم ...
ـ[أبو طارق]ــــــــ[20 - 07 - 2009, 10:36 ص]ـ
نرجو من المتحاورين ألا يخرجوا في حديثم عن المجاز إلى باب آخر قد يؤدي إلى غلق الموضوع
وليتكم تطلعون على شروط الكتابة ( http://www.alfaseeh.com/vb/announcement.php?f=19) هنا لتتجنبوا ذلك
ـ[أبو فهر]ــــــــ[20 - 07 - 2009, 10:51 م]ـ
1. إما أن تقول إن العرب وضعت هذا الاسم بإزاء هذه المعاني وضعاً واحداً.
2. وإما أن تقول إن وضعه بإزاء معنى معينٍ كان سابقاً على وضعه بإزاء المعنى الآخر.
لا أثبتُ هذا ولا هذا بل كلاهما كذب لا دليل عليه ...
أما غيبية الوضع الأول وماورائيته، وعدم وجود الدلائل العلمية على كون هذا اللفظ لهذا المعنى، فليس كذلك، بل الأمر مرهون بغلبة الظن،
غلبة ظن لا يستطيع صاحبها أنه يسوقَ عليها دليلاً واحداً! غريبة!
فإننا نحمل اللفظ عند تجرده من القرائن على ما هو أغلب وأكثر في استعمال العرب،
ومن قال إن الأغلب والأكثر هو الوضع الأول؟؟
ومن قال إن الأغلب والأكثر هو الذي أراده المتكلم؟؟
ونريد مثالاً على كلام عربي يتجرد عن القرائن؟؟
وهل التجرد عن القرائن يقع من مريد للإفهام؟؟
مثبتة المجاز لم يزعموا هذا تألياً، بل عرفوا هذا من واقع اللغة، من حيث إن التوسع في استعمال اللفظ في أكثر من معنى – عند التحقيق- لا يأتي هكذا جزافاً.
لم نقل أنه يحدث جزافاً أبداً ولا دليل على وجود العلاقة أبداً وكونه لا يحدث جزافاً لا يتضمن دليلاً على أن أحد المعاني أصل والثاني فرع ..
بغي أن نحمل كلام المتكلم عليها، ونقول إن المتكلم أراد هذا المعنى،
ليه ينبغي؟؟!!
ولم؟؟
ولم هذا التألي؟؟
ولم لا نجتهد في طلب القرائن على مراده ما دام احتمال إرادته أكثر من معنى قائم؟؟
بل هو من باب إنزال كلام المتكلم على معهود أهل اللغة
وليه إنزال وإطلاع؟؟
عمل مفسر الكلام هو بلوغ مراد المتكلم من كلامه وليس إنزاله وإطلاعه بالتألي والهوى وركوب السهل ..
¥