تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 09 - 2009, 08:06 ص]ـ

ومن بقية دعاء الكليم عليه السلام:

وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ: فاكتب لنا في الدنيا حسنة كونية فتلك من بركات اتباع الشرع المنزل، على حد قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، فلو آمنوا لصب عليهم الرزق صبا فالإيمان الشرعي علة الفتح الكوني، فهو دائر معه وجودا وعدما، فلما كذبوا استحقوا الأخذ بمقتضى الجلال الكوني.

وفي الآخرة: "حسنة"، حذفت لدلالة لفظ: "حسنة" المتقدم، فذلك على حد دلالة المتقدم على المتأخر.

إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ: فذلك بمنزلة التذييل بالعلة، فهو جار على حد التوسل بالعمل الصالح، فحسن الفصل للتلازم الوثيق بين دعاء الطلب ودعاء التوسل الذي يتذرع به إلى طلب قضاء الحوائج الكونية والشرعية، والأليق بمقام النبوة: تصدير الطلب بطلب أمر الدين أشرف أجناس المطلوبات لتعلقه بأشرف الدارين: دار الجزاء الباقية.

قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ: فذلك من وصف جلاله تبارك وتعالى، فيصيب بمقتضى مشيئته النافذة وحكمته البالغة من شاء من عباده بأجناس الآلام: ابتلاء أو عقابا، وقد يجتمع فيها الوصفان: فتكون كفارة فمعنى العقوبة فيها أظهر، وتكون رفعة للدرجات فذلك من لازم تكفير السيئات، فمعنى الابتلاء في هذا الوجه أظهر، والابتلاء: مظنة محبة الرب، جل وعلا، وإن نهينا عن تمنيه لئلا نحمل نفوسا ضعيفة ما لا تطيق من مقدورات الرب، جل وعلا، فالعافية، مطلوب كل العقلاء، ومطلوب كل المؤمنين الذين فقهوا عبودية الدعاء والتضرع فدافعوا الأقدار الكونية بالأسباب الشرعية، وأعظمها الدعاء على حد قوله تعالى: (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، فدافعوا قدر الإصر الكوني بقدر الدعاء الشرعي.

وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ: عموم لا مخصص له إذ: "كل" بحسب السياق الذي ترد فيه، فلا يدخل فيه بداهة من حكم الله، عز وجل، عليهم بالشقاء بمقتضى إرادته الكونية النافذة من إبليس وحزبه، أو يقال بأن عمومها مجازي، عند من يقول بالمجاز، فهي من باب: إطلاق العام وإرادة الخاص، أو يقال بأنها وسعت كل شيء بمقتضى أمره الشرعي فالنجاة قد علقت على امتثاله، ولكنها لم تسع من قدر الله، عز وجل، عليهم بأمره الكوني: مخالفة أمره الشرعي.

فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير