تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سوءا في حق من عارض الشرع بالقدر، فجعل الأمر الكوني حجة في إبطال الأمر الشرعي فتلك طريقة المشركية، فليست من الطريقة التوحيدية في شيء.

واسما: الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ: مئنة من كماله، عز وجل، فالعزيز من أوصاف جلاله، والحميد هو الاسم الجامع لأوصاف جماله، وكماله، جل وعلا، جلال أفعال تتعلق بها القلوب رهبة، وجمال صفات تتعلق بها القلوب رغبة.

وأشار صاحب: "التحرير والتنوير"، رحمه الله، إلى وجه لطيف بقوله:

"وإيثار وصفي: {العزيز الحميد} هنا دون بقية الأسماء الحسنى إيماء إلى أن المؤمنين حين يؤمنون بأن القرآن هو الحق والهداية استشعروا من الإِيمان أنه صراط يبلغ به إلى العزة قال تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} [المنافقون: 8]، ويبلغ إلى الحمد، أي الخصال الموجبة للحمد، وهي الكمالات من الفضائل والفواضل". اهـ

فالكتاب العزيز له من الأوصاف الموجبة للعزة جلالا والحمد جمالا، ما هو فرع عن جلال وجمال من صدر منه، فله، جل وعلا، العزة أصلا: ولرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وللمؤمنين العزة فرعا، فعزة المخلوق من عزة خالقه وموجده، إن كان على نهج العبودية الاختيارية سائرا، فـ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، فالجزاء من جنس العمل، كما تقدم، وله، عز وجل، الحمد بالكمالات المطلقة، ولكل من امتثل وحيه علما وعملا من الحمد بقدر امتثاله، فالتزام الشرع: ذريعة إلى كل خير وبركة في الدين والدنيا، فهو موجب للحمد في الأولى إذ أهله أحاسن الناس أخلاقا وآمنهم جانبا، فالناس على حد العموم من لسانه ويده قد سلموا فلا يصلهم منه إلا خير، فإن عجز عن إيصاله لهم بنفسه، فهو داع إليه غيرَه، فإن عجز فحسبه حبس شره عن الخلق، فله في ذلك صدقة، وهو موجب للحمد في الآخرة، فتتلقاهم الملائكة: (هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)، وتأمرهم على حد الإكرام: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ). فكمال اللذة النفسية بالتوقير والتعزير أمر قد ذاق الموحدون جنسه في الدار الأولى، ولهم في الآخرة أكمل وأشرف أجناسه، وحسبهم: ثناء الرب، جل وعلا، عليهم بوصف العبودية في نحو قوله تعالى: (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 09 - 2009, 09:23 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)

فصدر السياق بعموم مؤكد بـ: "من" التي تفيد التنصيص على العموم، فذلك من سنته، عز وجل، الكونية، ابتلاء للعباد بما يلقيه الشيطان فيتميز المستيقن من المتشكك، وهكذا الحال عند ورود أي شبهة، فلا تزيد الراسخين إلا تصديقا بإحكام أصول هذه الملة، على حد ما ذكره أحد الفضلاء المعاصرين من المتخصصين في الذب عن عرض النبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتلك من أشرف الوظائف لا سيما في الأعصار المتأخرة التي كثر فيها التطاول على مقام النبوة، على حد ما ذكره من أنه من أكثر من عشرين سنة من عمره، بارك الله في علمه وعمله ووقته، أمضاها في دراسة شبه المستشرقين وأذنابهم حول شخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومضمون رسالته الخاتمة، لم يزدد إلا رسوخا ويقينا بأن هذا الدين هو: الدين الحق الذي اصطفى الله، عز وجل، نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لتبليغه، فاختار

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير