تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ: فذلك أيضا من العموم الدال على طلاقة القدرة الربانية، فخلق المسيح عليه السلام من أم بلا أب ليس بمحال ذاتي بل هو من الممكن الجائز الذي شاء الله، عز وجل، وجوده، فرجحت مشيئته وجوده بالكلمة التكوينية النافذة فكان فانقلب من جنس الإمكان إلى جنس الإيجاب إذ شاء الرب، جل وعلا، ذلك، إظهارا لما تقدم من طلاقة قدرته ونفاذ قدره.

وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: فذلك من التذييل الجاري مجرى العموم بعد خصوص القدرة على الخلق، إمعانا في تقرير ما تقدم من طلاقة القدرة الإلهية.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 09 - 2009, 04:15 م]ـ

ومن قوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ):

فقالوا ذلك شأنهم شأن أي مبتدع يحتكر أسماء المدح الشرعية بلا دليل، فدعواهم عن الدليل مجردة، وليس مجرد الانتساب إلى ملة، أو نبي، كافيا في حصول النجاة، فتلك طريقة شفعاء الدنيا الذين أقاموا أمرهم على الشفاعات التي يعطى فيها من لا يستحق ما لا يستحق من العطايا والرياسات، والأسماء والألقاب، سواء أكانت برسم الدين أم برسم الدنيا، فيقبل المشفوع عنده اضطرارا لا اختيارا، وذلك مئنة من فقره إلى الشافع فله عنده حاجة، فهو آمر في صورة مأمور، إذ له من الاضطرار والحاجة إلى الشافع ما للشافع عنده وربما أعظم، وتلك معان منتفية في حق الباري، عز وجل، بداهة.

والشاهد أنهم جعلوا أنفسهم شعوبا مختارة، وأجناسا مصطفاة، وسلالات منتقاة، من البشر، فهم أبناء الله، على معنى البنوة المعنوية، لا البنوة المعهودة، وذلك مما رد به على النصارى المثلثة الذين غلوا في المسيح، عليه السلام، وعلى الملكانيين خصوصا، إذ ادعوا بنوة المسيح عليه السلام على حد الاختصاص، فجاء العموم في دعوى أهل الكتاب، وهو مذكور في أسفارهم وعهودهم، جاء هذا العموم ناقضا لدعوى اختصاص المسيح، عليه السلام، بهذا الوصف، وخرجه المحققون من أهل العلم على إرادة الطاعة والامتثال، فينزل الطائع من المطاع منزلة الابن من الأب كناية عن عظم طاعته، فذلك معنى لائق بالله، عز وجل، وإن كان اللفظ موهما، ولذلك لم يرد مثل هذا الإيهام في نصوص التنزيل حسما لمادة الإجمال بإيراد الألفاظ بينة: من قبيل: الرب والعبد .......... إلخ، فهي ألفاظ لا تحتمل معان باطلة كتلك التي انتحلها أولئك لما حملوا الكنايات على الحقائق، وجعلوا الأمثلة العلمية: حقائق خارجية، بمنزلة من قال لك: أنت في قلبي كناية عن عظم محبته لك فاعتقدت أن ذاتك قد اخترقت صدره وشقت قلبه لتسكن فيه سكون الحال في المحل!، وتلك معضلة تلقفها النصارى من رهبان وفلاسفة الهند، فالإله عندهم قد حل في بقرة!، فجعلوه حالا في المسيح، وجاء بعدهم من جعله حالا في نفسه أو في فلان أو فلان من الأئمة أو الشيوخ، وحال غلاة أهل الحلول والاتحاد من الإسلاميين خير شاهد على ذلك، ومنشأ الزلل واحد: ضعف القوة العلمية وغلبة القوة العملية على حد التعدي في الإرادات، فعندهم تأله وتخشع، بلا علم يلجمه، فوقع منهم التعدي، في مسائل كالمحبة جرفتهم إلى أودية العشق، وفيه من التعدي ما فيه، فاعتقدوا حلول الله، عز وجل، في الصور التي عشقوها، والعشق مفسدة للعقل إذ التصور فيه فاسد، فمن عشق صورة أرضية فإنه يعتقد فيها من أوصاف الكمال ما حالها شاهد بضده من النقصان، وتأمل حال العشاق الذين يحملون مساوئ معشوقيهم على أحسن المحامل، فيرون عين الفساد صلاحا إرضاء للمعشوق لعله يرضى!، فهم عند التحقيق، عبيد لتلك الصور، وإن لم يدعوا لها من أوصاف الألوهية ما صرح به الحلولية والاتحادية، أفراخ النصارى والفلاسفة، والعشق لا ينفك عن نوع تعد وإفراط، فيسيء العاشق الأدب بحجة أن له عند معشوقه حظوة، ولعل إساءات غلاة أهل الطريق لمقام الألوهية ومقام النبوة خير شاهد على ذلك، فقد وصل بهم الضلال إلى إنشاد قصائد العزل التي قيلت في النساء والمردان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير