تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 10 - 2009, 05:39 م]ـ

ومن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ):

فـ: يا أيها الرسول: على حد التكريم فلم يناد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في التنزيل إلا بأوصاف النبوة والرسالة على حد قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)، و: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ).

والنهي في الآية: للتخفيف والتسلية، فلا يحزنك من ذلك وصفه ممن قد بلغ في الضلالة حد المفاعلة فحاله حال المسارع لغيره في انتحالها، والنهي عن الحزن في هذه الآية كالنهي عن الغضب في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "لَا تَغْضَبْ": إذ ليس المراد النهي عن وقوع ذات الفعل فذلك من العارض الكوني الذي لا يملك المكلف له دفعا أو رفعا، لتعلقه بالقلب، والقلب مما استأثر الله، عز وجل، بتصريفه على أحوال متباينة تظهر بها آثار قدرته وحكمته في تدبير شؤون عباده، فلا يمكن أن يتوجه التكليف لمن استثير، لا سيما إن كان ممن يغضب للشرع المنزل إذا انتهك على حد وصف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا يمكن أن يتوجه التكليف لمن هذا حاله بعدم الغضب فذلك من المحال، إذ اقتضت سنة الله، عز وجل، الكونية، وقوع المُسَبَّب بوقوع سببه، إلا أن يشاء الله، عز وجل، امتناعه لعارض، فذلك استثناء لا يقاس عليه ولا تبنى قاعدة شرعية كلية جامعة عليه، وإنما تبنى القواعد الشرعية التكليفية على عموم الأحوال، وحال عامة المكلفين: الغضب إذا استغضبوا، فلا يمكن أن يكون الأمر متوجها بعدم الغضب أو الحزن أو الهم .......... إلخ من العوارض النفسانية فضلا عن كون المكلف إذا استغضب بانتهاك الشرع فلم يغضب، بخلاف ما لو انتقص حظ نفسه فهو ثائر غاضب متعد في تحصيل مراده ولو على خلاف الشرع، فضلا عن كونه إذا كان على ذلك الوصف: محل ذم، ولا يتوجه الأمر للمكلف بما يذم على فعله، فذلك حد المحرم لا الواجب الذي يتوجه المدح إلى فاعله، والشرع لا يأمر بمحرم بداهة، فالنهي هنا قد أريد به النهي عن الاسترسال مع لوازم ذلك العارض الكوني، فمن اعتراه الغضب فإنه مكلف بعدم التعدي بالقول أو الفعل وإنما يجب عليه أن يكون على حد العدل ولو كان غاضبا للشرع المنزل، ومن اعتراه الهم لا يمكن أن يقال له: لا تهتم على حد الإلزام فذلك مما لا يقدر عليه ليصح توجه التكليف به إليه، وإنما غايته أن يقال له: لا تسترسل مع الهم الذي يقعدك عن الطاعة بحل عرى الهمة بما يعتري القلب من غمة، وإنما دافعه بما سن الله، عز وجل، من أسباب دفع الهموم الشرعية والكونية.

فسبحان من ملك أمر القلوب تصريفا بقدرته النافذة فذلك متعلق ربوبيته القاهرة، وشرع لها أسباب الصلاح بدفع الهموم والأحزان من الأدعية والأذكار فذلك متعلق ألوهيته الشارعة.

وقد جاء وصفهم ابتداء: مجملا، قد دل عليه عموم: "الذين"، ففي ذلك نوع تشويق إلى معرفته: مفصلا، ليحصل بذلك تمام التنفير منه إذ السياق: سياق ذم يحمل العاقل على مجانبة الوصف المستوجب له.

فدلالة العام: الموصول: "الذين": ظنية قد جاء بيانها على حد القطع بذكر أجناس أولئك فـ: "من": بيانية جنسية:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير