تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه، فـ: "أل" في: "الإنجيل" عهدية ذهنية إلى إنجيل بعينه، هو الإنجيل النازل على قلب المسيح عليه السلام لا الإنجيل الذي طالته يد التبديل والتحريف للفظه ومعناه حتى صار مستند القوم في تقرير الشرك! الذي بعثت الرسل عليها السلام بإبطاله، فصيره أهل التحريف على ضد ما هو له، ويرجح ذلك قرينة: "بما أنزل الله فيه": من الأخبار والبشارات والأحكام، وذلك منصرف بداهة إلى ما قبل بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالكتاب الآخر فهو الناسخ لما تقدمه من الكتب، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في مواضع سابقة.

ويقال من باب التنزل: لو سلم بوجود إنجيل صحيح النسبة إلى المسيح عليه السلام، ووجوب العمل به مع كونه منسوخا والتعبد بالمنسوخ ممنوع، لو سلم بذلك لكان لازمه الإيمان بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ قد بشر به المسيح عليه السلام، فذلك جار على حد من قال بصدق رسالة النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى العرب فقط فأثبت له وصف العصمة الملازم للنبوة فلا يقول إلا صدقا، وهو قد قال بعموم رسالته إلى غير العرب فلزم الانقياد له في ذلك فرعا عن الإقرار الأول.

ولا زالت تلك البشارات مبثوثة في العهدين، بالرغم من وقوع التحريف للألفاظ بالكتمان والتغيير زيادة أو نقصانا على حد حنطة اليهود، ووقوع التحريف للمعاني بصرف البشارات عن النبي الخاتم عليه السلام، وتأويل كل النصوص التي تشير إلى استئثار بني إسماعيل بمبعث النبي الأمي، نبي آخر الزمان صلى الله عليه وعلى آله وسلم، على عادة الجاهل المتعصب الذي يروم نزع كل فضيلة لخصمه، ولو كانت صحيحة، فهم كانوا ولا زالوا: أبعد الناس عن الإنصاف الذي يتشدقون به ليل نهار، ولعل الحضارة الغربية الحديثة، مع كونها علمانية تناصب دين الكنيسة العداء، لعلها في عنصريتها ومركزيتها، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين، تحاكي عنصرية الكنيسة في اختصاص أتباعها في تحكم محض لا دليل عليه بأوصاف المدح والثناء فضلا عن وعود النجاة وصكوك الغفران التي بيعت بها جنان الرحمن جل وعلا!، فقد انتقلت أوروبا من عنصرية دينية إلى عنصرية لا دينية، فمنشأ الداء في كليهما واحد: تعظيم الذات واحتقار الآخر، مع أنهم أعلى الناس صوتا بمقالة: احترام الآخر المزعومة التي صارت سيفا مسلطا على رقاب أهل الحق ليكفوا عن كشف زيف أهل الباطل إذ ذلك مما يثير مشاعرهم المرهفة!.

وما قيل في الكفر الأكبر والأصغر يقال أيضا في: الفسق الأكبر المخرج من الملة على حد قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)، ففسقه: اعتقادي قد أخرجه من دائرة الإيمان بالكلية، والفسق الأصغر فلا يخرج صاحبه عن دائرة الإيمان بالكلية، وإن خرج عن دائرة الإيمان المنجي ابتداء، فينتفي عنه كمال الإيمان الواجب دون أصله.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 10 - 2009, 05:45 م]ـ

ومن قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير