تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ: الشرعي بالاصطفاء لهذا الأمر والاختصاص بذلك الوصف. فهو جار على حد القصر الادعائي بتعريف الجزأين مئنة من عظم شأنه، والإشارة إليه بإشارة البعيد جارية مجرى التعظيم وعلو المكانة، فهو من المقامات الشريفة التي لا يبلغها إلا آحاد المخلصين.

يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ: لكمال قدرته وحكمته، فلا يضع أسباب ولايته إلا في محل قابل لها.

وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ: ففضله واسع، ولا أعظم من تفضله بالهداية على صاحبها، وهو مع ذلك، عليم، بمن يستحق ذلك الفضل من عباده فلا يهبه إلا من استحق منزلة الولاية الربانية فرعا عن ولايته الشرعية إذ أظهر من وصف الولاء والبراء ما صار به أهلا لولاية الرب جل وعلا.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 10 - 2009, 09:57 م]ـ

ومن قوله تعالى:

(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ):

حصر للولاية الشرعية: ولاية النصرة والتأييد على القول بأنها من: "الوَلاية"، أو: "الوِلاية" على التلبس بمعناها حتى صارت وصفا ملازما لأصحابها على جهة الصناعة والعمل على وزان: "الخِياطة" .... إلخ، كما أشار إلى ذلك الزجاج رحمه الله.

ولا إشكال في حملها على الولاية السياسية، إذ الولاية السياسية صورة من صور الولاية، فإن من أظهر الولاء لله ورسوله والمؤمنين، رضي بحكم الله، عز وجل، وحكم رسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، رضا مطلقا، ورضي بحكم من حكم بهما، وذلك معنى عام لا يختص به واحد بعينه، ولو قيل بأن الآية نازلة في فرد بعينه من أفراد عموم المضاف إلى الضمير: "وليكم" هو علي، رضي الله عنه، كما روي ذلك بأسانيد ضعيفة، فإن غايته أن يكون من العموم الوارد على سبب، فلا يخصصه، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فصورة السبب داخلة في حكم العام دخولا قطعيا لا يقبل التخصيص ولكن ذلك لا يمنع دخول غيرها وإن احتمل التخصيص، فتخصيصها بواحد أو آحاد بعينهم دون دليل مخصص: محض تحكم، وذلك من السمات البارزة في طرائق أهل الأهواء في تقرير مقالاتهم، فيصير الموصول: "الذين" وهو: لفظ دال على العموم دلالة النص على معناه، وهي دلالة قطعية، يصير: خاصا في أفراد بعينهم بدعوى تقبل المعارضة بمثلها فيكفي في نقضها القول بضدها، فيقال: لا يخص عموم الآية بأولئك، وإنما يخص بآخرين، فتصير المسألة من باب التأويل الذي هو إلى اللعب أقرب! مع ما في ذلك التخصيص من إهدار للعموم، وهو خلاف الأصل، إذ الإعمال أولى من الإهمال، وقد علق الحكم على الوصف الذي اشتقت منه الصلة وهو وصف الإيمان المجمل الذي بينه ما بعده من وصف: "الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ"، وهو وصف عام، أيضا، إذ أبدل الموصول الثاني من الموصول الأول فبين مجمله من باب ورود الوصف الخاص: إقامة الصلاة وأداء الزكاة، عقب الوصف العام: الإيمان تنويها بشأن الصلاة والزكاة، والشاهد: أن تعليق الحكم على هذه الأوصاف العامة مئنة من عموم الحكم لكل الصور التي تقوم بها هذه الأوصاف، وهي أوصاف متعدية لا يتصور حصرها في آحاد بعينهم، فذلك مما يكذبه الشرع الذي مدح هذه الأمة على جهة العموم على حد قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، ومدح الصدر الأول على وجه الخصوص على حد قوله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، و: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير