تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 10 - 2009, 03:10 م]ـ

ثم جاء الشرط في معرض الإلهاب بالوعد بالغلبة ليحمل السامع على امتثال الشرط رجاء تحقق المشروط من عظيم الوعد:

وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا: إظهارا في موضع الإضمار إذ قد تقدم ذكرهم، ولكن اقتضى التنويه بهم إعادته مظهرا، فضلا عن تقدم ولاية الله، عز وجل، إذ هي الأصل الذي يتفرع عنه ما بعده، كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله، فما وجبت طاعة الرسل عليهم السلام إلا فرعا عن طاعة مرسِلهم، عز وجل، وما وجبت ولاية المؤمنين إلا فرعا عن التزام وحيه: تصديقا بخبره وامتثالا لحكمه فذلك معقد ولاء وبراء أتباع الرسل عليهم السلام، فمن آمن فله من الولاية بقدر إيمانه فلا يستوي كامل الإيمان وناقصه، وإن كان لكل منهما من الولاية نصيب بقدر إيمانه، فالولاية تتبعض بتبعض الإيمان المستوجب لها فهو منقسم إلى شعب، وتتباين بتباين أقدار أهله فليسوا سواء في امتثالهم تلك الشعب، وقل مثل ذلك في حق الكفار فليسوا سواء في البراء منهم، فلا يستوي الكافر المسالم والكافر المحارب، وإن كان البراء من كليهما حتما لازما، فإن الثاني مستحق لصور من العداء والمدافعة لا يستحقها الأول، وذلك من عدل هذه الشريعة مع الموافق والمخالف، فلكل مقام معلوم فرعا عن موافقته أو مخالفته الوحي المعصوم.

فمن يتول الله ورسوله والذين آمنوا على حد المضارعة الدالة على ما تقدم من لزوم طريقتهم:

فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ: على حد التوكيد بالناسخ فضلا عن إضافتهم إلى الرب، جل وعلا، إضافة مخلوق إلى خالقه، على حد التشريف، على وزان: ناقة الله، وبيت الله، وعبد الله، في نحو: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا)، فهو بمعنى العابد المنقاد لا العبد المذلل بمقتضى الأمر الكوني فذلك وصف لا يتعلق به مدح أو ثتناء لاشتراك كل العباد فيهم على حد سواء، وإنما يكون الثناء بما يحصل به التمايز بين المؤمن والكافر.

ثم جاء التوكيد بضمير الفصل، فضلا عن اسمية الجملة وتعريف جزأيها، فتلك مؤكدات لفظية قد حشدت لتوكيد معنى الجزاء ترغيبا فيما يتوصل به إليه. وذلك أمر مطرد في نصوص الوعد والوعيد فيكون التوكيد على المرغبات في معرض الوعد حملا على الفعل والامتثال، ويكون التوكيد على المرهبات في معرض الوعيد حملا على الكف والانزجار.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 10 - 2009, 05:46 م]ـ

ومن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ):

ففي تكرار النداء مئنة من استحضار الأذهان، وإن سبق النداء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، و: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) لبعد العهد، فالتكرار مذكر به، فضلا عن تكرار المعنى فذلك جار مجرى الإطناب بالتكرار لتقدم ذكره في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ)، وقد جاء عقيب الأمر باتخاذ الله ورسوله والمؤمنين أولياء كما دل على ذلك الخبر: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا)، فهو جار مجرى إنشاء الأمر بتلك الولاية، على تأويله بـ: لا تتخذوا وليا إلا الله ورسوله والذين آمنوا فإنما، على حد الإرشاد والإلزام، وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، وكما دل عليه الوعد في الآية السابقة، على ما تقرر من دلالته الإنشائية على طلب الوصف الذي علق عليه الوعد رجاء نيل الموعود.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير