تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 11 - 2009, 05:45 م]ـ

ومن قوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)

فيحتمل أن يكون متعلقا بما قبله، على حد البيان للمجمل، إذ الأمر بالبلاغ في الآية السابقة قد عم بقرينة عموم الموصول: "مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ"، ثم جاء التخصيص بإبلاغ أهل الكتاب أنهم ليسوا على شيء من الديانة حتي يقيموا أحكام التوراة والإنجيل، فالتخصيص بعد التعميم نوع بيان له، إذ العام ظني، والخاص قطعي، وهو من وجه آخر جار مجرى الإطناب بذكر الخاص بعد العام، تنويها بشأنه، إذ إبلاغهم على وجه الخصوص فرد من عموم الإبلاغ العام، وإنما خصوا بالذكر تنويها بشأنهم على ما تقدم من كونهم أهل كتاب، فهم أولى الناس بالإسراع إلى تصديق الوحي المصدق لما بين أيديهم من الكتاب.

ويحتمل أن يجري مجرى الاستئناف، وإلى كلا الوجهين أشار صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، ولعل الوجه الأول أرجح من جهة اتصاله بما قبله، فمناسبته لما قبله ظاهرة، والمناسبة بين آيات وسور الكتاب العزيز أمر ثابت مطرد فهو دال على إحكام سبك آي الكتاب العزيز.

ثم جاء بيان إجمال الأمر الذي صدرت به الآية:

لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ:

فلستم على شيء من الديانة قليل أو كثير، فحذف الوصف لدلالة السياق عليه، على حد حذفه في نحو قوله تعالى: (وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) أي: سفينة صالحة لدلالة السياق على ذلك فلا تنهض همة الملك الظالم إلا إلى اغتصاب ما تتعلق به الأطماع لصلاحه، وقد يقال من جهة أخرى: الشيء منزل منزلة اسم الجنس الإفرادي الدال على قليله وكثيره، والسياق هو الذي يعين مراد المتكلم، فمعنى القليل هنا أظهر، فلستم على شيء من الديانة وإن قل حتى تقيموا التوراة والإنجيل اللذين جاءا بالخبر عن رسالة النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم والحكم بوجوب اتباعه، فذلك إقامة ما أنزل إليهم من رسالته التي عمتهم وسائر أمم الأرض.

ثم جاء الإخبار عنهم على حد التوكيد بقسم محذوف دلت عليه لام الجواب، ونون التوكيد المثقلة في: "وَلَيَزِيدَنَّ"، فليزيدن كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ: فذلك مما قضاه الله، عز وجل، أزلا على حد الإبرام النافذ الذي دل عليه التوكيد المتقدم، ثم أظهره في عالم الشهادة على وفق ما قدر أزلا، والفاء فصيحة على تقدير: فإذ كان الأمر كذلك وثبت أنهم ما كفروا إلا حسدا وطغيانا فلا تأس على القوم الكافرين، فذلك من الإظهار في موضع الإضمار، فتقدير السياق مضمرا: فلا تأس عليهم، وإنما أظهره تنبيها على علة النهي عن الأسى عليهم، وهي الكفر الذي اشتقت منه الصفة المشبهة: "الكافرين"، فضلا عما في دلالة القوم من الاجتماع، فذلك مظنة الرسوخ في الكفر، فهو إجماع منهم عليه، بخلاف ما لو قال: فلا تأس على الكافرين، فمعنى التحزب والاجتماع فيه غير كائن فيحتمل أنهم على حد التردد والتذبذب بين الإيمان والكفر، وذلك من التقريرات البديعة لصاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 11 - 2009, 05:15 م]ـ

ومن قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير