وأما القواعد النحوية فهناك كلمة إجماع بين اللغويين والنحويين كوفيهم وبصريهم وبغداديهم ومتأخريهم على أن النحو قياس كله، وأن من أنكر القياس فقد أنكر النحو.
وأرى فضيلتكم خلطتم بين المسألتين وظننتم أنني أنا المخطئ.
وبغض النظر عن التسمية (قياس) أو غير قياس، فالمطلوب هو المعنى وليس اللفظ.
ابن حزم أنكر حجية الاستقراء في كتابه التقريب في المنطق، وقد نقلت نص كلامه في ملتقى أهل الحديث، وقواعد النحو كلها تقريبا ثبتت بالاستقراء الذي أنكره ابن حزم.
وأنا لا أريد أن أناظركم ولا أن أدخل معكم في جدل، وإنما أريد أن أعرف كيفية استخراج القواعد النحوية بناء على كلام ابن حزم في إنكار الاستقراء، فبحسب علمي لا توجد طريقة لاستخراج القواعد النحوية من كلام العرب بخلاف الاستقراء، فإن كان هناك طريقة أخرى فأخبرني بها.
أي أن المطلوب هو معرفة كيفية استخراج قاعدة من قواعد النحو مثل قولنا (الفاعل مرفوع)، فمن المعلوم أن هذه القاعدة بنصها لم تسمع عن العرب، ومن المعلوم أنه يجوز رفع الفاعل الذي لم يسمع عن العرب بناء على ما سمع عنهم، فالدليل هنا استقرائي وليس سماعيا.
وأحب أن أسمع وجهة نظر الشيخ الحنوط، وكذلك وجهة نظر الشيخ ابن عقيل إن أمكن.
وجزاكم الله خيرا
فرد راشد بن أحمد الراشد:
الأستاذ الفاضل أبو مالك وفقه , جزاك الله خيرا على قبول الدعوة و نسأل أن يظهر الحق على لسان أي أحد منكم و الله المستعان.
و رد عليه أيضاً ابن تميم الظاهري فقال:
أخي الكريم ..
في كلامي بيان لما سألت عنه، وقد قلت أن الاستقراء على نوعين، وذكرت التام منه فراجعه ..
وفيه جواب ما سألت عنه ..
فعلم التقعيد علم وفن، ويقوم على أسس، فالقاعدة لا تثبت إلا بتتبع الجزئيات في المسألة، والتتبع هذا إما ناقص، وإما تام، فإن وضعنا قاعدة ما بناء على نوع من نوعي التتبع هذا وهو نفسه الاستقراء صحت القاعدة أو بطلت بحسب نوع الاستقراء الذي استعملنا كما ذكرت آنفاً ..
وقد ذكرت في كلامي تنقيح بعض القواعد التي لم تثبت بتتبع تام، وإنما فيها حق، وفيها باطل مزيد بلا برهان عليه من لغة العرب، فنحن نعلم يقيناً أن العرب ما قالت القاعدة في الجملة الفعلية أنه كذا وكذا، ولكننا لما تتبعنا كلامهم، وما جاء في القرآن، وكذلك ما جاء في السنة علمنا أنه لم يشذ عن ذلك شيئاً، إلا ما ذكرت آنفاً ..
فهذه طريقة معرفة صحة قاعدة أو التأكد من صحتها إن كانت موجودة، أو إن كنا كما تقول لم نجد قواعد النحو، وطُُلب منا استخراج ما لم يوضع له أحد قاعدة تضبطه، فهذه كيفيته.
أما جواب الشيخ الحنوط، فهو موجود إن أحب أجاب ..
وأما الشيخ ابن عقيل فأظنك ممن يعلم عنوان مجلة الدرعية، وإن لم يكن عندك فهو في قسم الكتب وضعت عنوانها وبريدها، فراسله، لأنه لن يجيبك هنا، لأنه لا يقرأ في منتدى، فالشيخ إمام علامة لا وقت له لمنتدى أو موقع، فراسله بما تريد ويجيبك.
والله الموفق ..
فما كان من أبو مالك العوضي إلى أن قال:
الشيخ الفاضل ابن تميم الظاهري
أحب أن أوضح ابتداء أنني أريد معرفة وجهة نظر ابن حزم فقط، فلست أريد مناظرة ولا تشنيعا كما قد يُظن.
ما معنى الاستقراء التام؟
الاستقراء التام معناه تتبع جميع جزئيات هذا الحكم بحيث لا يشذ عنا شيء، ومن المعلوم قطعا أن الجملة التي نتكلم بها إذا لم تسمع عن العرب فليست موجودة في هذه الجزئيات التي استقريناها، فالاستقراء ليس تاما قطعا؛ لأنه لم يستغرق جميع أفراده.
عندما نقول: (كتب الشيخ ابن تميم الظاهري مقالا في دارة أهل الظاهر)
هل هذه الجملة أحد أفراد قاعدة رفع الفاعل أو نصب المفعول؟ الجواب قطعا نعم.
هل نحن عندما استقرينا أفراد القاعدة وجدنا هذا الفرد؟ الجواب قطعا لا.
إذن الاستقراء الذي قمنا به ليس تاما، ويستحيل أن يكون تاما في قاعدة مثل (الفاعل مرفوع والمفعول منصوب) لأننا لم نسمع كل فاعل في الوجود ولا كل مفعول في الوجود.
هذا بافتراض أننا أصلا جمعنا كل ما ورد عن العرب من رفع الفاعل ونصب المفعول، فما بالك وهذا لم يحصل أصلا، ولا توجد قاعدة في النحو مطلقا خضعت لاستقراء جميع ما قالته العرب، ولا يوجد عالم نحوي أو لغوي مطلقا ادعى أنه وضع قاعدة بناء على استقراء تام.
¥