تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما تقييده بيوم القيامة فقال الطيبي: " تقييده بيوم القيامة تلميح إلى قصة المؤمنين وقولهم فيه: {ربنا أتمم لنا نورنا} ففيه إيذان أن من انتهز هذه الفرصة - وهي المشي إليها في الظلم في الدنيا - كان مع النبيين والصديقين في الأخرى {وحسن أولئك رفيقاً} ". [فيض القدير3/ 201] الله أكبر، متى يأتيك النور؟ إنه يقدم لك في موقف عصيب، وهول رهيب، إنه يسطع بين يديك في وقت أحوج ما تكون إليه، اقرأ معي قول الله تعالى: {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم * يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب}

لله ما أعظمها من نعمة يكون لهم النور في ذلك الموقف الهائل الصعب كل على قدر إيمانه، ويبشرون عند ذك بأعظم بشارة فيقال: {بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم}

فالله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم، وألذها لنفوسهم، حيث حصل لهم كل مطلوب محبوب، ونجوا من كل شر مرهوب.

فإذا رأى المنافقون المؤمنين يمشون بنورهم، وهم قد طفئ نورهم وبقوا في الظلمات حائرين،قالوا للمؤمنين: {انظرونا نقتبس من نوركم} أي أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به لننجو من العذاب. {قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً} أي إن كان ذلك ممكناً، والحال أن ذلك غير ممكن بل هو من المحالات، {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة} وهو الذي يلي المؤمنين {وظاهره من قبله العذاب} وهو الذي يلي المنافقين. [تفسير السعدي7/ 290]

وقد أورد ابن كثير في تفسيره [4/ 308] عن ابن أبي حاتم بسنده إلى أبي الدرداء وأبي ذر – رضي الله عنهما - يخبران عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة، وأول من يؤذن له برفع رأسه فانظر من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي فأعرف أمتي من بين الأمم) فقال له رجل: " يا نبي الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم ما بين نوح إلى أمتك؟ " فقال: (أعرفهم محجلون من أثر الوضوء، ولا يكون لأحد من الأمم غيرهم، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم)

صلاة الفجر تؤهلك لتكون من أهل النور في وقت يتخبط فيه الآخرون في الظلمات، فما أجزلها من غنيمة، بادر إليها ولا تتأخر.

الغنيمة الرابعة: الشهادة الملائكية:ـ

يقول الحق - جل وعلا -: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً}، والمفسرون يذكرون عند هذه الآية حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله- وهو أعلم بهم-: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون) [متفق عليه].

إن السائل هو الله ملك الملوك، والمسئولون هم الملائكة الذين {لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} و {لايسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون}، نعم هؤلاء الملائكة المقربون يشهدون لك عند الله، ويذكرونك بأداء الصلاة، ويمدحونك بشهودك الجماعة، الملائكة الأبرار الأطهار يشهدون أنك من العباد المصلين الأخيار.

تأمل معي:" لطف الله تعالى بعباده وإكرامه لهم بأن جعل اجتماع ملائكته في حال طاعة عباده لتكون شهادتهم لهم بأحسن الشهادة " [الفتح2/ 35]

فهل رأيت أثر صلاة الفجر في صلتك بالملائكة وشهادتهم لك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير