تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتحس وأنت تسير في شوراع مصر الآن، في ظل هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة التي زادتها رقة الديانة التي ظهرت أخيرا: زادتها شدة، تحس أن هناك مصران: مصر ظاهرة تراها وتسمع من أخبارها ما تسمع، وأخرى باطنة لا يعلم أحد عنها شيئا، وتحس أنها من وجه آخر: مصر عليا ينفق بعض أحداثها الألوف في مدن الملاهي الجديدة، ولا أبالغ استنادا إلى شهادة صديق عزيز يعمل في صيانة ألعاب تلك المدن الجديدة التي أقيمت خصيصا للهو واللعب!، بل قيل في إحدى الفضائيات بأن بعض الأسر في العالم العربي ميزانيتها البيتية تصل إلى 100 مليون دولار في العام!، وهي ميزانية دولة جزر القمر بأكملها، وأخرى سفلى لا تجد الأخت إيمان وأمثالها 37 جنيه ثمنا لعلبة حليب لرضيعة أو شريط دواء ....... إلخ من الاحتياجات الأساسية من قوت وعلاج وسكن، وتلك هي الحال إذا غابت دولة النبوة التي يربط فيها القائد صلى الله عليه وعلى آله وسلم على بطنه حجرين فيمتاز عن رعيته في المغرم لا في المغنم، وكذلك هي إذا غابت دولة الخلافة الراشدة التي اسود فيها جلد الخليفة، رضي الله عنه، من أكل الزيت في عام الرمادة حتى ظن أصحابه أنه سيهلك لا محالة إن لم يرفع الله، عز وجل، هذه النازلة، وأما في دولة الجور التي تقصى فيها النبوة عن منصب الرياسة فتستبدل أحكام البشر الدنية بأحكام الوحي العلية فإن الهوة تزداد بين الأغنياء والفقراء، وقد انقسم المجتمع لا سيما مع رقة الديانة وكثرة مواسم الحاجة من أعياد ومدارس ..... إلخ ففيها تظهر صور من الفاقة وعدم التكافل بين المسلمين تجعل الحليم حيرانا، وتلك حكمة الرب، جل وعلا، فـ: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)، فكلٌ مبتلى بالآخر، ولن يسأل أحد في زماننا من وزراء حكومات رجال الأعمال، لن يسأل عن أمثال الأخت إيمان فلا تنتظر أن يحس أحد من الكبار بمأساتها، بل ربما سعوا في تسليمها إن عرفوا طريقها، كما سلموا الأخت كاميليا، فرج الله عنها، فلا مناص من التكافل البيني بين أفراد المسلمين بعد أن انعدم التكافل الجمعي.

وبعض الإخوة والأخوات لهم مشاركات فاعلة في هذا الشأن فمنهم من يتولى الجانب المادي فيتكفل بنفقات أولئك الأفاضل بعد ثبوت صدقهم وجديتهم، ومنهم من يتكفل بإيوائهم، بل بزواج النساء منهن بعد إتمام أوراقهن الرسمية، ومنهم من يتولى الجانب المعنوي بالتثبيت والتعليم الشرعي ...... إلخ، وفق الضوابط الشرعية التي تمنع الاختلاط والخلوة ..... إلخ، ولكلٍ دوره، والتواصل مع أولئك الأفاضل قدر المستطاع دون إثارة أو لفت نظر، حتم لازم على كل قادر في هذه الآونة فالتعاطف القلبي في هذا الأمر لا يكفي، بل لا بد من بذل السبب الشرعي من دعاء لا سيما في هذه الليالي الفاضلة، والسبب الكوني بالأخذ بأسباب التفريج عن أخواتنا بتأمين مقار ودخول مناسبة لحالاتهن، فالبكاء لا يحل المشاكل الصغيرة فضلا عن المعضلات والنوازل الكبيرة التي ما ظن أحد أن تصل إلى هذا الحد في ظل غفلة المسلمين، فلقد كان تصور مثل هذا التضييق على المسلمين الجدد من سنوات معدودة: ضربا من ضروب الخيال فصار الآن حقيقة بسعي أهل الباطل الحثيث وقعود أهل الحق فضلا عن تآمر ورضا صنف خسيس خبيث لا يغار على دينه أو حتى عرضه فلو كان ذا غيرة لغار على تلك الحرمات المنتهكة في ظل الدولة المدنية المزعومة، دولة: سيادة قانون الغاب الذي فرضه شنودة ومن يحركه على المصريين بمعونة طرف لئيم الأصل وضيع الخلق باع في مقابل مصالح متوهمة وليته حصل على شيء منها!.

وكما ذكر بعض الإخوة تعليقا على هذه القصة بأن الأمر لا بد أن يتجاوز العمل الفردي إلى عمل منظم مع أخذ الاحتياطات اللازمة، لأن الدولة قد رفعت يد الحماية لأولئك الأحرار والحرائر، فلا مناص من العمل على نصرتهم بالحماية والنفقة ....... إلخ، فيكون هناك رقم حساب مثلا لجمعية خيرية أو نحوه يختص بهذا الشأن، ويتم التنسيق بينه وبين الحالة بعد التأكد من صدقها .... إلخ من الإجراءات الفعالة التي تتجاوز حد التعاطف أو المساعدة المؤقتة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير