بهذه العوامل والأسباب خطف علماء الشناقطة المتجولون الأضواء، وبهذه الطرق والأساليب في الحفظ بزّوا غيرهم في العلوم التي شاركوهم فيها، فهل تجد في هذه الإجابة المقتضبة ما يشحذ همتك ويحرك إرادتك ويكون مثالاً لك تحتذيه، ويستحثك لجعل الحفظ أهم طرق العلم الشرعي؟! ذلك ما كنا نبغي، وفضل الله واسع، وكم ترك الأول للآخر ((وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ)) [المطففين: 26].
وصلى الله وسلم وبارك على النبي وعلى آله وصحبه أجمعين.
الهوامش:
(1) المحظرة: وأقرب تعريف لها: (أنها مؤسسة تعليمية بدوية متنقلة، تكون متخصصة في فن معين، وأحياناً شاملة جامعة لشتى العلوم الشرعية، تضم جماعة من الطلاب مختلفة أعمارهم تحيا حياة اجتماعية بسيطة، هدفها التفقه في الدين، وتحصيل التقوى والخلق الكريم، يديرها معلم في فن أو فنون يسهر على التدريس فيها، ورعاية هدفها حسبة، وربما ضم إلى مهام التدريس إمامة وقضاء القرية أو البلدة ويُلقب (بالمرابط)؛ ولعلها جاءت من رباط المرابطين الذين كان رباطهم النواة الأولى للمحاظر. وقد يلقب: (طالبنا) ولعلها من طالب العلم، وأصل الكلمة: (محضرة) وردت في لسان العرب، وفي كتب الأندلسيين والمغاربة، منها كتاب المعيار المعرب، ورحلة ابن جبير، وفي أبيات ابن حزم المشهورة: (مناي من الدنيا علوم أبثها). وهي تفارق من وجوه مصطلح الكُتّاب أو الخلوات أو الزاوية في بعض البلدان الإسلامية أ. هـ، بتصرف من (دور المحاظر في موريتانيا) بحث تخرج مقدم للمعهد العالي الإسلامي بنواكشوط عام 1405هـ إعداد محمد المصطفى بن الندى، ومن (بلاد شنقيط المنارة والرباط) بحث موسع مقدم للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن المحاظر في موريتانيا للأستاذ الخليل النحوي، طبع بتونس عام 1987م، و (السلفية وأعلامها في موريتانيا) للطيب بن عمر الحسين، ص87، ط الأولى عام 1416هـ. وأبيات ابن حزم التي ذكر فيها المحاظر هي:
مناي من الدنيا علوم أبثها وأنشرها في كل بادٍ وحاضرِ
دعاء إلى القرآن والسنن التي تناسى رجال ذكرها في المحاضر
ديوان ابن حزم الظاهري، 95، بتحقيق د. رشاد، ط. الأولى.
(2) ممن تشرفت بلقائهم العلامة الفقيه الأديب، الشاعر الأريب، الموسوعي معالي الشيخ محمد بن سالم بن عبد الودود، من بيت علم عريق تقلد مناصب وزارية، وعضوية بعض المجامع الفقهية في مصر والمغرب والسعودية، ومن أبرز مؤلفاته نظم كتاب مختصر خليل في أكثر من عشر آلاف بيت قدم له بمقدمة ضمنها عقيدة أهل السنة والجماعة على خلاف السائد هناك من العقائد الأشعرية والماتريدية.
(3) بتصرف: من بلاد (شنقيط المنارة والرباط) الخليل النحوي، ص 231، ط. الأولى، تونس 1987م.
(4) العلامة اللغوي والشاعر الفذ الأبي محمد محمود بن التلاميد (بالدالة المهملة)، انفرد في المشرق باللغة والأنساب، اتصل بالأوساط العلمية في الحجاز ومصر، ممن ترجم له الزركلي في الأعلام، ولمعاصره وخصمه أحمد الأمين ـ رحمه الله ـ في الوسيط ترجمة له فيها تحامل عليه.
(5) معجم المؤلفين في القطر الشنقيطي)، 68، تأليف سيدي محمد بن محمد عبد الله ولد بزيد، ط. الأولى، تونس، 1996م.
(6) (موسوعة حياة موريتانيا) للمختار بن حامد ـ رحمه الله ـ، ص 5، الجزء الثاني، طبعة الدار العربية للكتاب 1990م.
(7) بلاد شنقيط، للخليل النحوي، ص 233.
(8) الغالب على علماء الشناقطة في القرآن وعلومه والفقه رواية الشعر وتذوقه وإنشاده فلو راجعت كتاب (الوسيط في تراجم أدباء شنقيط) وكتاب: (الشعر والشعراء في موريتانيا)، للدكتور محمد المختار ولد أباه؛ لوجدت معظم من تُرجم لهم من الشعراء هم علماء فقهاء.
(9) عالم وشاعر من بيت علم وأدب، أخد عن بُلاّ الشقروي، له مؤلفات منها طُرة على ألفية ابن مالك، ت1323م.
(10) بلاد شنقيط المنارة والرباط، ص 231.
(11) سيأتي الحديث عن تقسيم المحظر إلى أقفاف جمع قِف وهو اللوح والجزء من المتن بلغة المحاظر والسفر والباب من أسماء أجزاء مختصر خليل.
¥