تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مخطط معين، يحس فيه العاقل، كما يقول أحد الأكاديميين النصارى ممن يكتمون إسلامهم من نحو 15 عاما طبقا لخبر نقلته "مفكرة الإسلام" عن "المصريون"، يحس فيه العاقل بنوع من الحيرة والازدواجية الفكرية التي تصل إلى حد التقية، فخارج الكنيسة تعامل في مجمله مستقر هادئ مع المسلمين، وخطاب رسمي وردي يظهر من القبلات الحارة في حفلات الإفطار الوطنية والأعياد ..... إلخ، وداخل الكنيسة خطاب تحريضي انعزالي يحذر من الإرهاب الإسلامي ويدعو إلى قطع كل العلائق مع المسلمين لا سيما العلائق الفكرية إلا في معرض إلقاء الشبهات التي يحفظونها من أفواه القسس بلا بحث أو مراجعة، فقداسات الكهان والقسس لا تعرف الكذب!، فذلك من الحيدة التي تتجنب الكلام عن الخطوط الحمراء التي وضعها شنودة صيانة لمقالة الثالوث الوثنية التي يرفضها كل العقلاء ولو كانوا بلا دين، فأي مناقشة جادة ستفضح هذا الزيف، فالأولى إشغال عقول الشعب بالدس على الإسلام تنفيرا منه فقد عجزنا عن هضم عقيدتنا، فلا مناص من القدح في عقائد الآخرين حماية لعقيدتنا!، وهل إفلاس فكري أعظم من ذلك، والعلائق الاقتصادية، والانعزالية شبه التامة تظهر جلية في القطاع الخاص النصراني فتلك تعليمات شنودة من منتصف سبعينيات القرن الماضي كما جاء في وثيقة الشيخ الغزالي رحمه الله، وهذه الازدواجية هي من الأسباب الرئيسة لإقبال عقلاء النصارى على اعتناق الإسلام، فأدنى مراجعة للكتاب العزيز وأي كتاب معتمد من كتب السيرة أو الحديث، وتتبع نقد المسلمين المنهجي للإنجيل، يظهر فورا صدق المسلمين وكذب القداسات العاجزة حتى عن إقناع نفسها.

من تتبع خطاب النصارى الفكري والإعلامي يجده، والله أعلم، نسخة من خطاب طائفة من أهل البدع المغلظة تنتحل التقية دينا بل هي عندها معظمه!: تقية في الظاهر، وشحن معنوي في الداخل، هروب وحيدة في الجواب عن الإشكالات التي يشك أي عاقل في صحة ملة أو نحلة تقرها بل تجعلها أصولا لا تحصل النجاة إلا بها، انعزالية إلا بقدر الضرورة، تبعية كاملة للرأس المدبر!، تصيب عموم الأتباع بسذاجة فكرية غريبة، كما يقول بعض الفضلاء، في معرض التعليق على ما يقع من المظاهرات التي يتم فيها سلب العقول وحشد الجمهور بسهولة وسرعة تدل على استسلام الحشود لأوامر الجهات العليا ولو كانت تخالف كل دين أو عرف أو حتى عقل، المشكلة الأساسية، والله أعلم، أن هذا الخطاب يجد قبولا عند عامة النصارى، فشنودة إفراز طبيعي لذلك، فالعجب ألا يكون هو أو بيشوي رءوس الأمر والنهي في الكنيسة، فالمرء بطبيعته يميل إلى من ينتحل القوة والشجاعة، ولو زورا، فضلا عن تطعيم الخطاب الثوري بمصطلحات إيمانية من قبيل الاستشهاد ونحوه، مما يزيد النار تأججا، ومع ذلك فالمسلمون هم الغوغاء، وهم المتعصبون الذين يثيرون الضجة ويشعلون الفتنة.

وقلب الحقائق إعلاميا أمر ميسور قد يصدقه حتى المسلمون المضطهدون، لبراعة الآلة الإعلامية النصرانية في تسويق خطاب الاضطهاد لا سيما في الخارج، بل يتبناه أمثال البرادعي في سياق السباق المحتدم الآن لنيل رضا الكنيسة قبل انتخابات الرئاسة الصورية لدولة تابعة حتى في شئونها الداخلية!.

أخشى، والله أعلم، أن نصدق فعلا أنهم مضطهدون، كما خشي الحسن، رحمه الله، يوما لما سمع الحجاج فكاد يخدع بقوة منطقه وجزالة عباراته!.

وكثير من العاملين في صحف النصارى التي تتبنى هذا الخطاب: مسلمون يرضون بذلك فهو أمر مربح للدنيا وإن خسروا الدين بل والدنيا لو تدبروا!.

ومع هذا الترتيب الإعلامي البارع للمعركة التي يريد رءوس الفتنة إشعالها، يتم التحضير العسكري خلف أسوار الأديرة والكنائس، فشحن نفسي لا بد أن يترجم لشحن بشري للمقاتلين، وهو، أيضا، يشبه في مضمونه، ما وقع في أرض الرافدين، فقد تم شحن وإعداد أفراد الميليشيات التي انقضت على أهل السنة لما وجدت الفرصة مواتية، وكان الدور على دول كمصر، وهي أنسب من جهة اشتراك أمريكا والطائفة التي ستكون ذراعها في الدين الجامع وإن اختلفوا في التفاصيل إلى درجة التكفير! فلا يمنع ذلك من التحالف ضد الخطر الأعظم، ولولا أن قيض الرب، جل وعلا، قوى المقاومة العراقية، بكافة أطيافها، مع التحفظ على ما وقع من أخطاء منهجية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير