تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النداء في أول (يا أبطال برقة ... ) الخطبة يفيد شد الانتباه و رفع الهمم. وبدأ الخطيب يحث القوم على الإقدام على القتال فوصف الصبر بأنه قليل لإشعال فتيل الهمم، وذكر أن نجمة النصر تلمع وفي ذكرها غرض لأن النجوم أكثر ما تكون لمعانا في الليل فهو في ذلك يمثل النصر. ففي هذا المقطع حث للإقدام والصبر

إن الله وعدكم النصر، ووعدتموه الصبر، فأنجزوا وعدكم ينجزكم وعده.

لا تحدثوا أنفسكم بالفرار، فوالله إن فررتم لا تفرون إلا عن عرض لا يجد له حامياً، وشرف لا يجد له ذائداً، ودين يشكوا إلى الله قوماً أضاعوه، وأنصاراً خذلوه.

يذكر الخطيب وعد الله المؤمنين الصبر والله لا يخلف وعده بدأ الخطيب هذه الجملة ب (إن) وهي حرف توكيد تؤكد المعنى الذي سيقت له. فكأن الخطيب يضع المقاتلين أمام الواقع إن تقدمتم نصركم الله، وإن تخاذلتم خذلكم الله، والنصر مرهون بكم أنتم

أعاد الخطيب الصبر مرة أخرى للتأكيد، ثم حذر من الفرار لأن المقاتلين إن فروا فلن يحمي أحد أعراضهم وهي نساؤهم وما يملكون، وإن فروا فلن يحافظ أحد على شرفهم، ولن ينصرهم أحد أبدا.

وتتلخص وصايا الخطيب هنا بالصبر وتذكير المقاتلين بأهلم وما يملكون وفي هذا أشد ما يجعل الإنسان يقدم في القتال

إنكم لا تحاربون رجالاً أشداء، بل أشباحاً تتراءى في ظلال الأساطيل،

هنا يحقر الخطيب من الخصم حيث يصفهم كأنهم الظلال في الظلام يخافه الإنسان وهو لا شيء وهي استعارة في قمة الجمال وخيالات تلوذ بأكناف الأسوار والجدرانوقول الخطيب (خيالات) يؤكد أن المعنى فيما سبق من قوله أشباخ في ظلال أنه يقصد الظلال في الظلام فحين قال خيالات نعرف أن قصد في الأولى الظلال. وتلوذ بمعنى تحتمي وتلجأ أي أن الأعداء خائفون منكم يلجؤون إلى الحصون فرارًا عنكم، فاحملوا عليها حملة صادقة تطير بما بقي من ألبابها، فلا يجدون لبنادقهم كفاً ولا لأسيافهم ساعداً.

هنا يحث على الإقدام ليثيروا الرعب في ألباب (وهي القلوب) الأعدء فإن المقاتلين إن أقدموا بقوة وعزيمة ستجعل بنادق أعدائهم تسقط من أيديهم من الرعب

إنهم يطلبون الحياة وأنتم تطلبون الموت يذكر الخطيب المقاتلين بالجنة والنار من طرف خفي لأن الموت للؤمن شهادة وللكافر عذاب لذلك كل منهم يطلب سعادته، ويطلبون القوت، وتطلبون الشرفوهنا تذكير بشرف المؤمن وعلو همته، ويطلبون غنيمة يملأون بها فراغ بطونهم، وتطلبون جنة عرضها السموات والأرضوهنا تحقير لشأن الكفرة ورفعة لهمم المؤمن وجميل عاقبته، فلا تجزعوا من لقائهم، فالموت لا يكون مر المذاق في أفواه المؤمنين.

يثير الخطيب روح المؤمن المقدام في أنفس المقاتلين لأن المؤمنين لا يفرون ويقدمون، وهنا استعارة فائقة حيث استعار الموت كأنه طعام يذوقه الإنسان والمؤمن يستلذ بأكله

إنكم تعتمدون على الله وتثقون بعدله ورحمته، فتقدموا إلى الموت غير شاكين ولا مرتابين فما كان الله ليخذلكم، ويكلكم إلى أنفسكم، وأنتم من القوم الصادقين.

يذكر الخطيب المقاتلين بالله وأنه لا يخذل من توكل عليه وآمن به وصدق بما جاء به

إن هذه القطرات من الدماء التي تسيل من أجسادكم ستستحيل غداً إلى شهب نارية حمراء تهوي فوق رؤوس أعدائكم فتحرقهم، وإن الأنات المتصاعدة من صدوركم ليست إلا أنفاس الدماء صاعدة إلى إله السماء يأخذ لكم بحقكم ويعينكم على عدوكم، والله سميع الدعاء.

بدأ الخطيب يستفز مشاعر الإقدام في نفوس المقاتلين ليتقدموا حيث يعبر عن موتهم إذا أقدموا بالقتال كأنه شهاب يطير فيسقط عليهم فيحرقهم، وإن المؤمنين إذا ماتوا انتقلوا إلى رب رحيم عادل يجزي الخير بأضعاف ويحاسب الظالم على ظلمه فلن يترك الله المؤمنين سدى (تصرف يسير).

إن أعداءكم قتلوا أطفالكم، وبقروا بطون نسائكم، وأخذوا بلحى شيوخكم الأجلاء فساقوهم إلى حفائر الموت سوقاً، فماذا تنتظرون بأنفسكم؟

يثير الخطيب مشاعر المقاتلين بأن الأعداء قد قتلوا أطفالكم و شقوا بطون نسائكم بلا هوادة فهل تتركون أعداءكم بلا قتال؟! فهم لم يرحموكم فهل ترحمونهم؟!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير