وبعد انقضاء أربع سنوات على ذلك، تلقت خطاباً آخر منه يقول لها فيه: "إن الأشياء أصبحت صعبة، وإنه مقيم في الكلية لا يبرحها، وإنه سوف يتخرج قريباً من الجامعة بدرجة الشرف الأولى، وأكد لها كذلك في هذه الرسالة أنها أفضل وأحب معلمة عنده حتى الآن".
وبعد أربع سنوات أخرى، تلقت خطاباً آخر منه، وفي هذه المرة أوضح لها أنه بعد أن حصل على درجة البكالوريوس، قرر أن يتقدم قليلاً في الدراسة، وأكد لها مرة أخرى أنها أفضل وأحب معلمة قابلته طوال حياته، ولكن هذه المرة كان اسمه طويلاً بعض الشيء، دكتور ثيودور إف. ستودارد!!
لم تتوقف القصة عند هذا الحد، لقد جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع، يقول فيه: "إنه قابل فتاة، وأنه سوف يتزوجها، وكما سبق أن أخبرها بأن والده قد توفي قبل عامين، وطلب منها أن تأتي لتجلس مكان والدته في حفل زواجه، وقد وافقت السيدة تومسون على ذلك"، والعجيب في الأمر أنها كانت ترتدي العقد نفسه الذي أهداه لها في عيد الميلاد منذ سنوات طويلة مضت، والذي كانت إحدى أحجاره ناقصة، والأكثر من ذلك أنه تأكد من تعطّرها بالعطر نفسه الذي ذَكّرهُ بأمه في آخر عيد ميلاد!!
واحتضن كل منهما الآخر، وهمس (دكتور ستودارد) في أذن السيدة تومسون قائلاً لها، أشكرك على ثقتك فيّ، وأشكرك أجزل الشكر على أن جعلتيني أشعر بأنني مهم، وأنني يمكن أن أكون مبرزاً ومتميزاً.
فردت عليه السيدة تومسون والدموع تملأ عينيها: أنت مخطئ، لقد كنت أنت من علمني كيف أكون معلمة مبرزة ومتميزة، لم أكن أعرف كيف أعلِّم، حتى قابلتك.
(تيدي ستودارد هو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز "ستودارد" لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس ولاية أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعد من أفضل مراكز العلاج ليس في الولاية نفسها وإنما على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية).
إن الحياة ملأى بالقصص والأحداث التي إن تأملنا فيها أفادتنا حكمة واعتباراً
. والعاقل لا ينخدع بالقشور عن اللباب سلبا أو إيجابا،
ولا بالمظهر عن المخبر،
ولا بالشكل عن المضمون.
يجب ألا تتسرع في إصدار الأحكام،
وأن تسبر غور ما ترى،
خاصة إذا كان الذي أمامك نفساً إنسانية بعيدة الأغوار،
موّارة بالعواطف،
والمشاعر،
والأحاسيس،
والأهواء،
والأفكار
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[05 - 03 - 2009, 10:18 ص]ـ
قصة مؤثرة
أسلوب جميل
عبارات منتتقاة
موقف تربوي مفيد
ختام براق
ونحن نستفيد منكم أبا لين جزاكم الله خيرًا.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[05 - 03 - 2009, 01:14 م]ـ
وهذه مشكلة .. أن نعتد بالمظهر في كثير من الأحيان، وننسى الجوهر، بل لا نلتفت إليه إلا في جزئيات يسيرة .. بل ونمعن انصرافا إلى عرض ما، وبالتالي نحكم من خلاله، ونحتكم إليه ..
ولعل في السرد الذي سقته أبا لين يجعل سؤالا يرن في الأجواء هنا ..
ما الذي يميزك عن الآخر؟!
تحياتي
ـ[أبو لين]ــــــــ[05 - 03 - 2009, 03:14 م]ـ
قصة مؤثرة
أسلوب جميل
عبارات منتتقاة
موقف تربوي مفيد
ختام براق
ونحن نستفيد منكم أبا لين جزاكم الله خيرًا.
أشكرك لك مرورك العاطر وكلماتك الرائعة.
وهذه مشكلة .. أن نعتد بالمظهر في كثير من الأحيان، وننسى الجوهر، بل لا نلتفت إليه إلا في جزئيات يسيرة .. بل ونمعن انصرافا إلى عرض ما، وبالتالي نحكم من خلاله، ونحتكم إليه ..
ولعل في السرد الذي سقته أبا لين يجعل سؤالا يرن في الأجواء هنا ..
ما الذي يميزك عن الآخر؟!
تحياتي
أهلا بقائدنا أهلا بالهُمام خالد , لا تدري كم سُعدت بمرورك العبق ... ولكني لم أفهم تساؤلك؟: rolleyes:
دمت مرحا .. :)
ـ[أريج]ــــــــ[05 - 03 - 2009, 04:26 م]ـ
وعليك السلام و رحمة الله
قصة رائعة وبليغة
جزاكم الله خيرا
أعجبتني هذه الخلاصة:
إن الحياة ملأى بالقصص والأحداث التي إن تأملنا فيها أفادتنا حكمة واعتباراً
. والعاقل لا ينخدع بالقشور عن اللباب سلبا أو إيجابا،
ولا بالمظهر عن المخبر،
ولا بالشكل عن المضمون.
يجب ألا تتسرع في إصدار الأحكام،
وأن تسبر غور ما ترى،
خاصة إذا كان الذي أمامك نفساً إنسانية بعيدة الأغوار،
موّارة بالعواطف،
والمشاعر،
والأحاسيس،
والأهواء،
والأفكار
وأضيف:
رأيت هنا اسم الله المدبّر
جلّ في علاه
يأخذ و يعطي، بل ويجزل العطاء
لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماوات ولا في الأرض، فكيف يهمل بشرا نفخ فيه من روحه؟
رضينا بالله ربّاً!
ـ[أم أسامة]ــــــــ[06 - 03 - 2009, 04:32 ص]ـ
يجب ألا تتسرع في إصدار الأحكام،
وأن تسبر غور ما ترى،
خاصة إذا كان الذي أمامك نفساً إنسانية بعيدة الأغوار،
موّارة بالعواطف،
والمشاعر،
والأحاسيس،
والأهواء،
والأفكار
بوركت .. أبا لين ليس أروع من القصة إلا هذه الكلمات التي ذيلت بها الموضوع ... أحتوت على حكم سامية ليتنا ندركها من الأعماق ونعمل بها ..
دمت في رعاية الله
¥