استأذنت المدير يوماً أن نهاتف أم ياسر ..
فوافق ..
اتصلت في الساعة العاشرة صباحاً.
فردت امرأة كبيرة السن ..
قلت لها: أم ياسر موجودة!!
قالت: ومن يريدها؟
قلت: معلم ياسر!!
قالت: أنا جدته. يا ولدي ما أخباره ..
حسبي الله على الذي كان السبب ..
حسبي الله على الذي حرمها منه!!
هدأتها قليلاً .. فعرفت منها بعض قصة معاناة ابنتها (أم ياسر)!!
قالت: لحظة أناديها ...
جاءت أم ياسر المكلومة ..
مسرعة ..
حدثتني وهي تبكي!!
قالت: أستاذ ..
ما أخبار ياسر طمئني عليه، الله يطمئنك بالجنة!؟
قلت: ياسر بخير .. وعافية ..
وهو مشتاق لك!!
قالت: وأنا .. فلم أعد أسمع إلا بكاءها .. ونشيجها!!
قالت وهي تحاول كتم العبرات: أستاذ (طلبتك)
أريد أن أسمع صوته وصوت أيمن ..
أنا من خمسة أشهر ما سمعت أصواتهم!!
لم أتمالك نفسي فدمعت عيناي!!
يا لله .. أين الرحمة؟ أين حق الأم!؟
قلت: أبشري ستكلمينه وباستمرار ..
لكن بودي أن تساعدينني في محاولة الرفع من مستواه ..
شجعيه على الاجتهاد .. لنحاول تغييره ..
لنبعث بذلك رسالة إلى والده!!!
قالت: والده!! (الله يسامحه) ..
كنت له نعم الزوجة.
ولكن ما أقول إلا: الله يسامحه!!
ثم قالت: المهم.
أريد أن أكلمهم واسمع أصواتهم!!
قلت: حالاً .. لكن كما وعدتني ..
لا تتحدثين في مشاكله مع زوجة أبيه أو أبيه!!
قالت: أبشر!
دعوت ياسر وأيمن إلى غرفة المدير وأغلقت الباب ..
قلت: ياسر .. هذي أمك تريد أن تكلمك!!
لم ينبت ببنت شفه.
أسرع إليَّ وأخذ السماعة من يدي
وقال: أمي .. أمي .. أمي ..
تحول الحديث إلى بكاء!!
تركته .. يفرغ ألماً ملأ فؤاده ..
وشوقاً سكن قلبه!!
حدثها .. خمسة عشر دقيقة!!
أما أيمن ...
فكان حديثها معه قصة أخرى ..
كان بكاء وصراخ من الطرفين!!
ثم أخذتُ السماعة منهما.
وكأنني أقطع طرفاً من جسمي ..
فقالت لي: سأدعو لك ليلاً ونهاراً ..
لكن لا تحرمني من ياسر وأخيه!! ولا يعلم بذلك والدهما!!
قلت: لن تحرمي من محادثتهم بعد اليوم!! وودعتها!
قلت لياسر بعد أن وضعت سماعة الهاتف: انصرف وهذه المكالمة
مكافأة لك على اهتمامك الفترة الماضية ..
وسأكررها لك إن اجتهدت أكثر!!
عاد الصغير .. فقبَّل يدي ..
وخرج وقد افترَّ عن ثغره الصغير ابتسامة فرح ورضى!!
قال: أوعدك يا أستاذ أن اجتهد وأجتهد!!
مضت الأيام وياسر من حسن إلى أحسن ..
يتغلب على مشاكله شيئاً فشيئا .. رأيت فيه رجلاً يعتمد عليه!!
في نهاية الفصل لأول ظهرت النتائج
فإذا بياسر الذي اعتاد أن يكون ترتيبه
بعد العشرين في فصل عدد طلابه (26) طالباً يحصل على الترتيب
(السابع)!!
دعوته. إليَّ وقد أحضرت له ولأخيه هدية قيمة ..
وقلت له: نتيجتك هذه هي رسالة إلى والدك ..
ثم سلمته الهدية وشهادة تقدير على تحسنه ..
وأرفقت بها رسالة مغلقة بعثتها لأبيه
كتبتها كما لم أكتب رسالة من قبل ..
كانت من عدة صفحات!!
بعثتها.
ولم أعلم ما سيكون أثرها .. وقبولها!!
خالفني البعض ممن استشرتهم وأيد البعض!!
خشينا أن يشعر بالتدخل في خصوصياته!!
ولكن الأمانة والمعاناة التي شعرت بها دعت إلى كل ما سبق!!
ذهب ياسر .. يوم الأثنين بالشهادة والرسالة والهدية
بعد أن أكدت عليه أن يضعها بيد والدة!!
في صبيحة يوم الثلاثاء ..
قدمت للمدرسة الساعة السابعة صباحاً ..
وإذ بياسر قد لبس أجمل الملابس يمسك بيده رجلاً حسن الهيئة
والهندام!!
أسرع إليَّ ياسر.
وسلمت عليه ..
وجذبني حتى يقبل رأسي!!
وقال: أستاذ .. هذا أبي .. هذا أبي!!
ليتكم رأيتم الفرحة في عيون الصغير ..
ليتكم رأيتم الاعتزاز بوالده ..
ليتكم معي لشعرتم بسعادة لا تدانيها سعادة!!
أقبل الرجل فسلم عليّ ..
وفاجأني برغبته تقبيل رأسي فأبيت فأقسم أن يفعل!!
أردت الحديث معه
فقال: أخي .. لا تزد جراحي جراح ..
يكفيني ما سمعته من ياسر وأيمن عن معاناتهما مع ابنة عمي
(زوجتي)!!
نعم أنا الجاني والمجني عليه!!
أنا الظالم والمظلوم!!
فقط أعدك أن تتغير أحوال ياسر وأيمن وأن أعوضهما عما مضى!!
بالفعل تغيرت أحوال ياسر وأيمن ..
فأصبحا من المتفوقين .. وأصبحت زيارتهما لأمهما بشكل مستمر!!
قال الأب: ليتك تعتبر ياسر ابناً لك
قلت له: كم يشرفني أن يكون ياسر ولدي!!
القصة منقولة: بتصرف ... وأعتذر إذا كانت هناك بعض الأخطاء، حاولت قدر المستطاع التعديل / ولكن بالفعل هذا المعلم يستحق الشكر والتقدير والاحترام.
ـ[فصيح البادية]ــــــــ[18 - 06 - 2010, 11:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الفضلى/ زهرة متفائلة
بارك الله لك .. موضوعاتك جميلة ومؤثرة.
.. هكذا يكون المعلم، يربي، ويحسن المعاملة، ويتفقد أحوال طلابه قبل أن يعلمهم القواعد والقراءة ...
موقف مؤثر حقا من معلم جدير بالاحترام والتقدير
ومع أنني قرأت هذا الموضوع من قبل للأخت (زورق شارد)، ولكني قرأته كله وتأثرت به كأني أقرأه لأول مرة.
¥