وفي أواخر عمر الشيخ ناصر الألباني -غفر الله له- وبعد إقامته في الأردن محاطاً بالذين لم يوفروا أحداً من أقوالهم وأعمالهم الضارة؟!، صدرت منه (أو عنهم، ولعلها من غير علمه) كلمات بعيدة عن العدل بحق الشيخ عبدالقادر وغيره من أهل العلم والفضل من الدعاة.
غير أن الشيخ عبدالقادر غضَّ الطرف، ولم يذكره بشيء مما يعرف عنه، بل سمعت منه: أنه غفر للشيخ ناصر كل ما قاله عنه، أو نقل على لسانه، مع أنه قولٌ ليس بصحيح!
وكانت الصلات عامرة بينه وبين الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-، حيث كان يقدّر الشيخ عبدالقادر وجميع العاملين في المكتب الإسلامي، وكان للشيخ ابن باز مع الشيخ عبدالقادر علاقة خاصة، دلَّت على تقديره البالغ له، ومنها تعيينه واعظاً في كوسوفا، وذهب إلى بلاده الأصلية (يوغسلافية) أكثر من مرة يعظ الناس ويعلمهم، ويدلهم على الخير (وكان يتقن لغتهم).
وكان يحضر الطلاب من بلاده الأولى، ومن تركية للدراسة في الشام، أو إلحاقهم بمعاهد المملكة العربية السعودية، وتأمين المساعدات المالية والعلمية لهم، بمعاونة بعض أهل الفضل من معارفه.
وكان الشيخ عبد القادر متأثراً جداً بالعمل العام الذي يقوم به الأستاذ عصام العطار، وبالدعوة السلفية السليمة التي يقوم بها الأستاذ عبدالرحمن الباني، وبعض إخوانه.
وكان -رحمه الله- سهل العبارة فصيح اللسان، حسن الاستشهاد بالأحاديث النبوية الصحيحة، وبما كان عند السلف الصالح من مواعظ مختارة منتقاة. وكان يسلِّم التصحيح والتضعيف للأحاديث النبوية على منهج العلماء السابقين بالجملة ما أمكنه ذلك.
وقد نُكب الشيخ عبد القادر -رحمه الله- أكثر من مرة في حياته، وقد أصيب بوفاة زوجته الأولى الأخت أم محمود -رحمها الله-بحادث مؤلم تلقاه بالصبر.
ثم لقي المتاعب من قبل بعض الجهات، فمنع من الخطابة، و التعليم، و حضور الاجتماعات، ثم إلزامه البقاء في بيته لفترات، مع أنه كان رقيق الوعظ، حسن النصح للناس.
والتف الناس حوله محبين له مستفيدين من علمه، ومنهم مجموعة من طلاب العلم الذين تخرّجوا على يديه، وفيهم من بلغ منزلة عالية وكبيرة في سورية، وغيرها.
وقد صلي عليه في جامع الشيخ زين العابدين التونسي الحسيني عقب صلاة الجمعة، وشهده الخلق الكثير، ثم دفن في مقبرة الحقلة، وأبَّنه وعدد فضائله شيخ القرَّاء العلامة الشيخ محمد كريّم راجح، وجرى قبول العزاء فيه بجامع الحسن في منطقة الغواص.
تغمده الله برحمته، ولله ما أخذ ولله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجر. وأرجو الله أن يكون عوناً لأهله وأولاده الثمانية وبناته الثلاث، وأن ينبتهم النبات الحسن، ويحسن إليهم .... "وكان أبوهما صالحاً".
والحمد لله على كل حال، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[10 - 12 - 04, 09:44 م]ـ
مقال في جريدة الرياض عدد 13321 الجمعة 28 شوال 1425
الأمة تفقد أبرز علمائها في تحقيق كتب العقيدة الإسلامية والسنَّة النبوية بوفاة الشيخ عبدالقادر الأرناؤوط رحمه الله ..
متابعة - علي الشثري
فقد العالم الإسلامي يوم الجمعة الماضي علماً من أعلام الأمة الذين قضوا حياتهم لخدمة السُّنة والبحث والتحقيق لكثير من كتب التراث الإسلامي القديمة.
لقد خسرت الأمة الإسلامية بوفاة الشيخ عبدالقادر الأرناؤوط رجلاً وهب نفسه للعناية بالتأليف والتحقيق في السنَّة النبوية حيث حقق كثيراً من المؤلفات وأمات الكتب.
وفي التحقيق التالي نستعرض مع عدد من المشايخ أبرز خصال الشيخ وصفاته - رحمه الله -.
فاجعة أليمة
بداية أوضح عميد كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية د. عبدالله بن عبدالرحمن الشثري قائلاً: لا توجد في الإسلام وظيفة أشرف قدراً وأسمى منزلة وأثقل تبعة وأوثق عهداً وأعظم أجراً عند الله من وظيفة علماء شريعة الإسلام، ذلك لأنهم ورثوا مقام النبوة وأخذوا بأهم تكاليفها وهو الدعوة إلى الله وتوجيه خلقه إليه وتعليمهم.
وعن ابن ماجة وغيره بسند صحيح.: "إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورَّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر".
¥