- حديث عائشة الذي فيه " لو شئت لأسمعتك تضاغيهم في النار " وهو حديث واه مداره على أبي عقيل مولى بهية.
- حديث خديجة وهو منقطع بين خديجة والراوي عنها، لا يقال يتقوى بحديث علي، فإن قاعدة تقوية الأحاديث ليست على إطلاقها، فما كان ضعيفا في سنده، منكرا في متنه مخالفا للنصوص الصحيحة من السنة الخاصة لا يقبل التقوية، كيف وقد يضعف حديث الثقة لمخالفته الصريحة للقرآن وصحيح السنة ما لم يمكن الجمع من غير تعسف، فكيف بحديث منقطع لا يدرى من حدثه عن خديجة؟!.
- حديث علي والكلام فيه كالكلام على حديث خديجة من حيث ضعف سنده، فإن مداره على رجل مجهول لا يدرى من هو؟ مع نكارة متنه، فلا تعارض الأحاديث الصحيحة بمثله.
- ومع ضعفهما – أي حديث خديجة وحديث علي – فيمكن أن يقال إنهما منسوخان بالأحاديث المتأخرة عنهما بيقين، وذلك أن سؤال خديجة لا بد أن يكون قبل وفاتها، وذلك يوجب تقدم خبرها عن الأخبار التي وردت في أنهم في الجنة كحديث سمرة في الرؤيا وغيره.
• ما لا يصلح للاستدلال لكونه خارجا عن محل النزاع:
وهو حديث الصعب بن جثامة وما في معناه، وذلك أن لفظ الحديث يدل على أنه في أحكام أطفال المشركين في الدنيا، وأنهم تبع لآبائهم في أحكام الدنيا، ولهذا جاء فيه أنهم سألوه صلى الله عليه وسلم عن الذراري عند تبييت الكفار، وقد نقل غير واحد من العلماء أنه لا خلاف بين المسلمين في أن أطفال المشركين في أحكام الدنيا كحكم آبائهم ().
قال ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 111): وهذا عندي لا حجة فيه، لأنه إنما ورد في أحكام الدنيا أنهم إن أصيبوا في التبييت والغارة فلا قود فيهم ولا دية، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان في دار الحرب اهـ ().
وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/ 89): ولا حجة لهم في هذا، فإنه إنما سئل عن أحكام الدنيا وبذلك أجاب، والمعنى: أنهم إن أصيبوا في التبييت والغارة فلا قود ولا دية على من أصابهم لكونهم أولاد من لا قود ولا دية لهم، وعلى ذلك مخرج الحديث سؤالا وجوابا اهـ.
وقال أيضا في حاشية أبي داود (12/ 322) في سياق الجواب عن هذه الأحاديث: وأما حديث عائشة والأسود بن سريع فليس فيه أنهم في النار، وإنما فيه " أنهم من آبائهم" تبع لهم، وأنهم إذا أصيبوا في البيات لم يضمنوا بدية ولا كفارة، وهذا ظاهر في حديث الأسود اهـ المراد منه.
وقال الحافظ في الفتح (3/ 290): وأما حديث " هم من آبائهم أو منهم " فذاك ورد في حكم الحربي اهـ.
وإذا كان كذلك فالحديث خارج عن محل النزاع، لأن المسألة التي نبحثها هي حكمهم في الآخرة لا في الدنيا، وهذا التخليط بين الحكمين هو الذي سبب الاشتباه لكثير من الناس كما قال ابن تيمية في درء التعارض (8/ 432): ومنشأ الاشتباه في هذه المسألة اشتباه أحكام الكفر في الدنيا بأحكام الكفر في الآخرة، فإن أولاد الكفار لما كانوا يجري عليهم أحكام الكفر في أمور الدنيا، مثل ثبوت الولاية عليهم لآبائهم، وحضانة آبائهم لهم، وتمكين آبائهم من تعليمهم وتأديبهم، والموارثة بينهم وبين آبائهم، واسترقاقهم إذا كان آباؤهم محاربين وغير ذلك صار يظن من يظن أنهم كفار في نفس الأمر، كالذي تكلم بالكفر وعمل به اهـ المراد منه.
وخلاصة ذلك: أن حديث الصعب بن جثامة وما في معناه خارج عن محل النزاع والله أعلم.
• ما يحتمل التأويل أو يمكن تأويله لمعارضته نصوصا أخرى عامة وخاصة.
بقي النظر في الأحاديث الثلاثة الأخرى، وخلاصتها قصة المرأة التي وأدت بنتها في الجاهلية، وهذه تحتمل أوجها بيانها في الوجه التالي:
الوجه الثاني: المعارضة بمثلها والجمع بينها
وهو أنه قد جاءت أحاديث صحيحة من أوجه متعددة أنهم في الجنة، والأخذ بظاهر حديثي ابن مسعود وسلمة بن يزيد الجعفي يؤدي إلى ضرب تلك الأحاديث الكثيرة عرض الحائط، وهو غير صحيح، فكان لا بد من النظر في الجمع بينها ولو بنوع تكلف، أو الترجيح ما لم يمكن الجمع ().
والجمع بين هذه الأحاديث المتعارضة يكون من وجوه:
¥