تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المجتمعات الغربية تختلف عن المجتمعات الإسلامية، فهي تقوم على أساس الفرد وليس على أساس الأسرة، تقوم على الحياة المادية البحتة، النظر فيها إلى كم يكسب الرجل أو المرأة، وحتى التعامل الداخلي على مستوى البيت يتم على أساس المادة فقط!

هذا الأمر لا ينطبق علينا نحن المسلمين، وبفضل الله لا تزال المجتمعات المسلمة تقوم على أساس الأسرة، وهي النواة الأولى في المجتمع المسلم. وقد أحاط الإسلام كيان الأسرة بالأحكام التي تحفظها؛ فأمر الآباء برعاية أبنائهم، وأوجب بر الوالدين، وفرض حقوقاً للرجل على المرأة وللمرأة على الرجل؛ فحصل التكامل: كل طرف يقوم بواجبه ويأخذ حقّه، وهذا غير موجود في الغرب بل إن الإحصاءات تشير إلى وصول حالات ظلم المرأة والممارسات والانتهاكات ضدها إلى مستويات كبيرة، ولكن الغرب استطاع بوسائله وإعلامه وقوة طرحه التأثير في عقول كثير من المسلمين.

نحن لا نقول بأنه لا يوجد في المجتمعات المسلمة تعدٍّ وظلم من بعض الرجال للنساء، ولكن هل وصل الأمر إلى أن يكون قضية تقوم الدنيا ولا تقعد من أجلها؟! إن من ينظر إلى واقع المجتمعات الإسلامية، وما تتمتع به المرأة من الحقوق الشرعية التي شرعها الله لها، وما تتمتع به أيضاً من ناحية المحافظة عليها وعلى عفّتها وكرامتها وطهارتها، يعرف لماذا يحسد الغرب المسلمين على هذا الطهر والعفاف، وبالتالي يثير قضية المرأة وتحريرها.

الفرقان: يكتسب الحوار أهمية كبيرة، فهو سبيل إيصال الدين، وتعليم الجاهل، وإقناع المعارض، ومعرفة ما عند الآخرين، وبه يَسْهُل تبادل الخبرات والمفاهيم. فلا عجب أن حفلت دفتا المصحف بقضايا تتعلق بالحوار. كيف جاء حديث القرآن عن آداب الحوار، وكيف كان تطبيق آداب الحوار عند النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته؟

د. زمزمي: الحوار يُقصد به تداول الكلام وتراجعه بين طرفين. وفي الفترة الأخيرة أخذ الحوار منحىً معيناً؛ فأصبح البعض يطالب بطرح القضايا الشرعية المسلَّمة في ديننا للنقاش، ويعتبر هذا من حرية التعبير! ولذا كان عنوان رسالتي التي تقدمت بها لنيل درجة الماجستير: "أدب الحوار في ضوء القرآن والسنة"، حيث هَدَفت الدراسة إلى بيان كيفية المحافظة على المُحْكَمات والمسلَّمات الشرعية وفي نفس الوقت نمارس الحوار، والكشف عن منهج القرآن في هذا الأمر، وكيف كان التطبيق الفعلي من النبي وصحابته في إدارة الحوار والالتزام بآدابه.

وقد حَصَرْتُ (44) أدباً من آداب الحوار استنبطتها من حوارات القرآن، وحوارات النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته. ومن هذه الآداب فيما يتعلق بالجانب العلمي أن يكون الحوار مبنيّاً على أساس علمي؛ فلا يجوز للإنسان أن يتحاور في أمر يجهله. وأما ما يتعلق بالجانب النفسي فينبغي أن يلتزم المحاور بالهدوء وضبط النفس والإخلاص. وهناك آداب تتعلق بالجانب اللفظي كاختيار العبارات المناسبة وتقديم الكلمة الطيبة ونحوها.

وأضرب نموذجاً عمليّاً لحوار اجتمعت فيه آداب الحوار وبالتالي تحققت الغاية منه، وهو حوار ابن عباس رضي الله عنه مع الخوارج.

فعن عبد الله بن عباس قال: "لما اعتزلت الحرورية -وهم الخوارج- قلت لعليٍّ: يا أمير المؤمنين أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم. فأتيتهم ولبست أحسن ما يكون من الحُلَل. فقالوا: مرحباً بك يا ابن عباس، ما جاء بك؟! قلت: أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختنه، وأول من آمن به، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه؟ قالوا: ننقم عليه ثلاثاً. قلت: ما هن؟ قالوا: أولُّهن أنه حكَّم الرجال في دين الله، وقد قال الله تعالى: (إن الحكم إلا لله) (الأنعام:57). قلت: وماذا؟ قالوا: وقاتل ولم يَسْبِ ولم يغنَم، لئن كانوا كفاراً لقد حَلَّتْ له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين لقد حَرُمت عليه دماؤهم. قلت: وماذا؟ قالوا: ومحا اسمه من أمير المؤمنين. فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين. قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المُحْكَم، وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا تنكرون؛ أترجعون؟ قالوا: نعم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير