تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لإصلاح غيرها، فتستحق أن تنالَ جزاءها وتدخل جنة ربّها، كان الهمَ الوحيدَ الذي شغله طَوَالَ حياته؛ فكان يلفت أنظار المسلمين إلى كل صغيرة وكبيرة في حياتهم، ينبغي أن تُصْلَحَ وتُصَحَّحَ أو تُغَيَّرَ.

وكان دَيْدَنُه أن يُعِدَّ كتابًا أورسالة في المواضيع التي يراها مُلِحَّةً لعلاج أمراض يرى الناس مُبْتَلَيْنَ بها بشكل عامّ ثم يأمر بإصدارها وتعميمها في كل مكان، ويتحدث في ذلك أينما سار وحَلَّ، ويستقطب اهتمامَ كل من يجالسه أو يلاقيه أو يصاحبه. كَأَنَّ كل داء أصيب به فرد من المسلمين يراه قد أصيب به هو، فكان وارثاً صادقًا من وَرَثَةِ النبي S ؛ حيث كان قد جَعَلَ همومَ غيره همومَ نفسه، وإنقاذَ غيره من بليّة من البلايا، إنقاذَ نفسه منها.

وكان شيخه المربي الحكيم والعالم المتقن الجليل أشرف علي التهانوي – رحمه الله – فريدًا في فنّ التربية وعلم التزكية؛ فكان يأخذ من كتبه من الموادّ مايراه لازمًا لأبناء عصره ولإصلاح الجيل الجديد، ويُفْرِدُها في رسائل وكتيبات بأسلوب سهل سائغ، فيُصْدِرُها بشكل بسيط دون تأنّق في الطباعة والإخراج. وقد جَمَعَ بعضُ أصحابه أحاديثَ مجالسه وأخرجوها بباكستان باسم Mمجالس أبرار L في مجلدات، وقد تلقّاها الناس بِنَهَمٍ وشَغَفٍ كانت تستحقّهما، وهي وصفةٌ شافيةٌ للأمراض التي تعانيها الأمّة اليوم.

صفاته المُمَيِّزَة

1 - المحافظة على الأوقات، كانت من المزايا التي كانت رمزًا على شخصيته، واستقاها من شيخه المربي الحكيم أشرف علي التهانوي – رحمه الله – الذي كان لديه لكل وقت عمل ولكل عمل وقت لايخلّ به في أي حال، وكان يأخذ بذلك أصحابه أخذًا دقيقًا، ومن هنا خَلَّفَ وراءه مكتبة إسلامية زاخرة بمؤلّفاته البديعة، وكان – التهانوي – من العلماء المكثرين من التأليف في أمة محمد S . وتخرّج أصحابه جميعًا: كلٌّ حسبَ توفيق الله له، في المحافظة الدقيقة على الأوقات، والتقيّد الكالم بالمواعيد؛ فكانوا لا يَدَعُون لحظةً تضيع فيما لايعنيهم. وكان الشيخ أبرارالحق – رحمه الله – من خريجي مدرسة ذاك الشيخ الحكيم التربوية؛ فكان في هذه الخلّة وغيرها نسخةً من شخصه. والمُحَافِظُ على الأوقات يريح نفسَه ونفسَ غيره من كلّ عناء، ولا يخالف وعدًا، ولايخلّ بميعاد، ويؤدّى كلّ عمل في وقته، ويُوَفِّي كلاًّ من حقوق الله وحقوق العباد نصابَه من الاهتمام، ويُنْجِزُ في قليل من الوقت كثيرًا من الأعمال، ويحتفظ بوقته فيحتفظ بوقت غيره، ويكون حريصًا على تجنيب وقته الضياعَ فيكون معنيًّا بتقدير قيمة وقت غيره. أمّا الفَوْضَوِيُّ في استخدام الأوقات، فلا يكون من أيّ من ذلك في شيء، فيكون قليلَ الإنجاز، عديمَ الإفادة، نزيرَ الأداء والعطاء، يؤذي نفسَه ويؤذي غيرَه، ويضيع أوقاته فيكون لأوقات غيره أكثر إضاعة. قد كان الشيخ أبرارالحق – رحمه الله – ضابطًا للوقت، لم يُعْرَف عنه أنه أَهْدَرَ دقيقةً أو ثانيةً من أوقاته فيما لاينفعه أو ينفع عبادَ الله.

2 - يُضَاف إلى ذلك أنه – رحمه الله – كان يُحِبُّ النظامَ والانضباطَ في كل ناحية من نواحي الحياة، ويُبْغِضُ الفوضى واللانظامَ، أي كان مبدئيًّا لآخر الحدود يعمل بذلك بنفسه، فيُقَيِّدُ به غيرَه، أو يحبّ أن يتقيد به غيرُه. وكل من عاشه أو صحبه أو تعامل معه، يشهد بعمله بالنظام والتزامه بالمبدئية. ومن زار زاويتَه ومدرستَه Mأشرف المدارس L وجد مَظَاهِرَ النظامِ والانضباط متمثلةً في كل شيء فيهما؛ فالطلاب مُقَيَّدون حتى بخلع أحذيتهم ووضعها في أمكنتها المحدّدة بنظام، ولا يوجد في ناحية من المدرسة قطعةٌ من الورق تذروها الرياح، ولا شِيَةَ على جدار لبصاق التَّانبول، ويوجد كل شيء من الأثاث والأغراض في مكانه اللائق. وإذا وَجَدَ زحامًا للزائرين والمصافحين، أَمَرَهُمْ بالانسلاك في الصفّ، حتى ينتهي الأمر بسهولة وفي قليل من الوقت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير