والثاني: ما رواه أصحاب السنن الأربعة من رواية همام بن يحيى، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس (رضي الله عنه) قال: " كان النبي ? إذا دخل الخلاء وضع خاتمه " 0
قال أبو داود بعد تخريجه: " هذا حديث منكر، فهمام بن يحيى ثقة احتج به أهل الصحيح، لكنه خالف الناس " 0
الثانية: التدليس
وهو أن يروي الراوي عمن سمع منه ما لم يسمع منه من غير ان يذكر انه سمعه منه، وهو على ثلاثة أقسام:
الأول: تدليس الإسناد: وهو أن يسقط اسم شيخه الذي سمع منه، ويرتقي إلى شيخ شيخه، أو مَن فوقه، فيسند ذلك إليه بلفظ لا يقتضي الاتصال، بل بلفظ موهم، وهذا بشرط معاصرة المروي عنه، أو لُقيَّه، وعدم سماع المدلس مطلقا، أو عدم سماعه ما دلسه، وذلك مذموم، ومكروه جدا 0
روى الشافعي عن شعبة قال: التدليس اخو الكذب 0
الثاني: أن يصف المدلس شيخه الذي سمع ذلك الحديث منه، بوصف لا يُعرف به، من اسم أو كنية أو نسبة إلى قبيلة أو صنعة أو نحو ذلك 0 كي يُوَعِّرَ الطريق إلى معرفة السامع له كقول أبي بكر بن مجاهد احد أئمة القراء، حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله، يريد به عبد الله بن أبي داود السجستاني، وفي هذا تضييع للمروي عنه، والمروي، فيصير بعض رواته مجهولا، وكراهة ذلك تختلف باختلاف قصد المدلس 0
الثالث: تدليس التسوية وهو ان يروي حديثا عن شيخ ثقة، وذلك الثقة يرويه عن ضعيف عن ثقة، فيأتي المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول، فيسقط الضعيف الذي في السند، ويجعل الحديث عن شيخه الثقة، عن الثاني، بلفظ محتمل، فيستوي الإسناد كله ثقات، وهذا شر الأقسام 0
أما من كان يدلس عن الثقات فحديثه مقبول، وتدليسه غير مذموم كتدليس ابن عيينة - رحمه الله تعالى -.
قال:
أقضي زماني فيك َمُتَّصِلَ الأسى ومنقطعاً عمَّا بهِ أتوسَّلُ
أقول:
وقد اشتمل هذا البيت على مسألتين:
الأولى: المتصل
وهو: ما اتصل إسناده إلى النبي ?، أو إلى واحد من الصحابة، حيث كان ذلك موقوفا عليه 0 أما قول التابعي إذا اتصل سنده إلى ذلك التابعي فلا يسمى متصلا، ومطلق المتصل يقع على المرفوع والموقوف 0
الثانية: المنقطع
وهو ما سقط من رواته واحد غير الصحابي 0
وقيل: ما سقط منه قبل الوصول إلى التابعي شخص واحد 0
وقيل: ما لم يتصل إسناده 0
وحكي عن بعضهم: أن المنقطع مثل المرسل، وقال بهذا الأخير كثير من الفقهاء، وغيرهم، لكن أكثر ما يوصف بالإرسال منن حيث الاستعمال، ما رواه التابعي عن النبي ?، وأكثر ما يوصف بالانقطاع ما رواه من دون التابعي عن الصحابي 0
قال:
وها أنا في أكفانِ هجرِكَ مُدْرَجٌ تُكَلِّفُني ما لا أُطيقُ فأَحمِلُ
أقول:
وقد اشتمل هذا البيت على المدرج وهو على أربعة أقسام:
الأول: ما أدرج في آخر الحديث من بعض رواته، أما الصحابي، أو من بعده موصولا بالحديث من غير فصل بين الحديث، وبين الكلام، بذكر قائله فيلتبس على ما لا يعلم حقيقة الحال، ويتوهم أن الجميع مرفوع 0
الثاني: أن يكون الحديث عند راويه بإسناد إلا طرفا منه، فإنه عنده بإسناد آخر، فيجمع الراوي عنه طرف الحديث بإسناد الطرف الأول، من غير ذكر إسناد الطرف الثاني 0
الثالث: أن يدرج بعض حديث في حديث آخر مخالف له في السند0
الرابع: أن يروي بعض الرواة حديثا عن جماعة وبينهم في إسناده اختلاف، فجمعَ الكل على إسناد واحد، مما اختلفوا فيه، ويدرج رواية من خالفهم معهم 0
وتعمد الإدراج غير جائز 0
قال:
وأجريتَ دمعي فوقَ خدِّي مُدَبَّجا وما هي إلا مهجتي تَتَحَلَّلُ
أقول:
اشتمل هذا البيت على مسألة وهي: المُدَبَّج، بضم الميم، وفتح الدال المهملة، وتشديد الباء الموحدة، وآخره جيم 0
وذلك أن يروي كل من القرينين عن الآخر 0 ومن رواية القرينين عن مثله ما ليس بمدبج، وهو أن يروي احد القرينين عن الآخر، ولا يروي الآخر عنه فيما يعلم 0
قال:
مُتَفِقٌ جَفني وسُهدي وعَبرَتي ومُفتَرِقٌ صبري، وقلبي المُبَلبَلُ
ومؤتَلِفٌ وجدي وشجوي ولوعتي ومختَلِفٌ حظي وما منك آمَلُ
أقول: اشتمل هذان البيتان على مسائل منها:
المؤتلف خطَّاً، والمُختَلِف لفظاً من الأسماء والألقاب والأنساب ونحوها 0
وان لم يعرف المحدث هذا كَثُرَ عثاره وافتضح، ولذلك صنف فيه أهل الفن كتبا مفيدة 0
¥