تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول في أحد خطاباته (كرو، 156):

(هاهي الأقدار العاتية تعبث بنا نحن البشر الضعاف، وترمينا بما لا نستطيع احتماله .... الخ).

انحرافاته:

1 - تشككه في وجود الله!!

سبق أن علمنا أن الشابي قد أصابه المرض مبكراً، وتحمل أعباء الحياة بعد موت والده، ولكونه لم يلتجئ إلى الله -عز وجل- في محنته، إنما تبرم وتسخط الأقدار، وغاص قلبه في الاكتئاب والتشاؤم، كل هذا أداه إلى أن يشطح شطحة لا تصدر عن مسلم، وهي تشككه في وجود الله -سبحانه وتعالى-!!.

يقول الدكتور عمر فروخ (139):" لما أفاق الشابي من النوبة الشديدة التي انتابته، عام 1930، نظم قصيدته "إلى الله" (ديوانه 98 - 101 = 239 - 245) فشطح فيها شطحة هي الإلحاد قال:

خبّروني هل للورى من إلهٍ راحم-مثل زعمهم -أواه!

إنني لم أجده في هاته الدنيا فهل خلف أفقها من إله؟

ويدرك الشابي الزلق الخطر الذي وضع قدمه عليه، قبل أن يرتد نفَسه عن البيت الثاني فيقول بعده مباشرة:

ما الذي قد أتيت، ياقلبي الباكي، وماذا قد قلتِه، ياشفاهي؟

يا إلهي، قد أنطق الهم قلبي بالذي كان، فاغتفر، ياإلهي! "

2 - امتهانه لاسم (الله)!

يقول في إحدى قصائده (78:

إن هذي الحياة قيثارة الله

وأهل الحياة مثل اللحون

ويقول مخاطباً الله -تعالى-! في قصيدة بعنوان (إلى الله): يعترض على الله في أقداره

يا إله الوجود! هذي جراح

في فؤادي تشكو إليك الدواهي

أنت أنزلتني إلى ظلمة الأرض

وقد كنتُ في صباحٍ زاه

أنت أوقفتني على لجة الحزن

وجرعتني مرارة " آه "

.... إلى آخر اعتراضاته.

3 - إيمانه بوحدة الوجود:

يقول الدكتور عمر فروخ (124 - 125): "يمكن أن تلمح شيئاً من آراء محيي الدين بن عربي عند الشابي.

لابن عربي مقطوعة يرى فيها أن جميع مظاهر هذا الوجود تدل على هذا التجلي أو على ذلك التجلي من الألوهية.

يقول ابن عربي:

كلما أذكره من طلل أو ربوع أو مغان، كلما ..

وكذا السحب إذا قلت: بكت وكذا الزهر إذا ما ابتسما،

أو بروقٍ أو رعود أو صبا أو رياح أو جنوب أو شما

أو نساءٍ كاعباتٍ نهد طالعات أو شموس أو دمى

صفة قدسية علوية أعلمت أن لمثلي قدما

فاصرف الخاطر عن ظاهرها واطلب الباطن حتى تعلما

ويغلب على الظن أن الشابي قد رأي هذه المقطوعة لمحيي الدين ابن عربي قبل أن يقول مقطوعته التالية:

كل ما هب وما دب وما قام أو حام على هذا الوجود:

من طيور وزهور وشذا وينابيع وأغصان تميد،

وبحار وكهوف وذرى وديار وبراكين وبيد،

وضياء وظلال ودجى وفصول وغيوم ورعود،

وثلوج وضباب عابر وأعاصير وأمطار تجود،

وتعاليم ودين ورؤى وأحاسيس وصمت ونشيد،

كلها تحيا بقلبي حرة غضة السحر كأطفال الخلود "

4 - ثورته على الدين!:

يقول الدكتور عمر فروخ (136 - 137): "إذا نحن تأملنا بيئة الشابي العامة في تونس ثم بيئته الخاصة -فهو ابن قاض شرعي وخريج الجامعة الزيتونية- عجبنا لإمحاء الأثر الإسلامي في ديوانه. ثم نزيد تعجباً إذا رأينا الأثر الوثني شديد البروز في شعره. إن أول ما نلاحظه أن الألفاظ الدينية قد خسرت في شعر الشابي قدسيتها ودلالاتها المألوفة، فالله والنبي والصلاة والجحيم أصبحت عند الشابي كلمات عامة كسائر الألفاظ القاموسية الدائرة في الاستعمال اليومي.

من ذلك كله قوله: لتعس الورى شاء الإله وجودهم، صانكن الإله من ظلمة الروح، وتشدو كما شاء وحي الإله، فالنور ظل الإله". ومثل ذلك قوله (ديوانه 25=137، 170=413):

أيها الليل: يا أبا البوس والهول ويا هيكل الزمان الرهيب

فيك تجثو عرائس الأمل العذب تصلي بصوتها المحبوب

ورن نشيد الحياة المقدس في هيكل حالم قد سحر

وأكثر ما يقف الشابي ألفاظ الدين ورهبة العبادة والمعبود على المرأة في سياق وثني (ديوانه 160 = 397):

في فؤادي الرحيب معبد للجمال

شيدته الحياة بالرؤى والخيال

فتلوت الصلاة في خشوع الظلال

وحرقت البخور وأضأت الشموع

وأشد إيغالاً في التحلل من الوحدانية الإسلامية ما نجده في قصيدته "صلوات في هيكل الحب". ديوانه 122 - 123=303 - 314)، قال يخاطب محبوبته ويقيمها مقام الالوهية في القدس والعبادة والقدرة والإرادة، وفي الشفاعة والزلفى!!

أنت أنشودة الأناشيد غناك إله الغناء رب القصيد

أنت قدسي ومعبدي وصباحي وربيعي ونشوتي وخلودي

يا ابنة النور، إنني أنا وحدي من رأى فيك روعة المعبود

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير