تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لا شك ان قراءة رباعيات الخيام تركت تأثيرا هاما في تكوين فضاء لوركا الشخصي والادبي, وبالاضافة الى المقال الرقيق الذي نشره بعنوان (تعليقات حول عمر الخيام) في مجلة (آداب ـ Letras) يوم 17/ 10/1917, حين كان مؤلفنا يصدر هذه المجلة مع فئة من الأصدقاء في غرناطة, وهو لا يزال في التاسعة عشرة من عمره, نجد اشارات اخرى الى الشاعر والعلامة النيسابوري, خليقة بالذكر, مبعثرة في قصائد ومحاضرات مختلفة, تنتمي عموما الى بداية مشوار لوركا الادبي, واهم دليل على ذلك هو ان لوركا ارتمى بنفسه في روض الشاعر الشرقي الكبير, منذ الابيات الاولى لما تعتبر اول قصيدة خطها لوركا في حياته, وهي اغنية (حلم والتباس) المؤرخة في 29/ 6/1917 ونقرأ في مطلعها:

كانت ليلة شبقية كاملة

ليلة ذهبية في الشرق العتيق

ليلة قبلات ونور ودعابات

ليلة ملتفة بقماش العشق

اوجاع وورود على جسدك

وعيناك هما الموت والبحر

وفمك, وشفتاك, وظهرك, وعنقك

وانا كظل عمر (خيام) قديم

حلم اقمشة الجزائر ودمشق

كان يعطر, فاترا, قلبينا

وضفائرك تبث لحنا

على نجوم هواك العظيم

ويتضح من قراءة نصوص لوركا المتعلقة بعمر الخيام ان سلوك مؤلف الرباعيات لمواجهة قضية استقرار المأساة والتعاسة في حياة الانسان, يعني ممارسة الحب ولذات الجسد البسيطة وتعبئة روحانية تأملية خاصة تتلخص في تقييم الفرد بذاته واعادة الانسان الى بعده المادي الطبيعي والانسجام مع بقية مخلوقات الكون, اصاب الكاتب الغرناطي المبتدئ بصدمة قوية, لأن الموقف الوجودي لعمر الخيام, بكل بساطته وعمقه, ينافي تماما التقاليد المسيحية المطالبة بالتخلي عن اللذات الجسدية, بوصفها اقبح الخطايا, والاستسلام للاعتراف وانتظار مجيء حياة ثانية بعد الممات).

لوحات عن عالم الخيام

حملت الينا بعض الطبعات الاوروبية والامريكية والطبعة العربية من ترجمة رباعيات الخيام للشاعر المهجري المصري احمد زكي ابو (شادي المكتبة العلمية ـ بيروت 1952) رسوما تخطيطية بارعة الحبر الصيني, بمعدل رسمة مع كل رباعية, ولوحات متفرقة بالألوان المائية, تستلهم الاجواء العاطفية والوجودية التي تبثها الرباعيات, بما فيها من دعوات مفتوحة الى اكتشاف جماليات الحياة والحب والامتاع وتحرير العقل والحواس من الهموم والمخاوف والاوهام.

وقد انجز هذه الرسوم واللوحات فنان عالمي, ايراني المولد, من اصل ارمني, هو سركيس خجادوريان, وهو فنان, رسام وباحث اثري, قام بترميم الرسوم الرومانسية التاريخية على الخزف في اصفهان.

درس خجادوريان في كلية الفنون الجميلة في روما, وفي معهد فن الديكور في باريس, ثم في ميونيخ, وبعد ان انجز اعمالا فنية في اوروبا وايران سافر الى الهند للعمل في اكتشاف ودراسة الرسوم التاريخية في شبه القارة الهندية, ثم عاد الى اوروبا في طريقه الى الولايات المتحدة, ووجدت اعماله اهتماما خاصا في الأوساط الفنية, وبعد رحلته الثانية الى الهند عاد في عام 1941 ليستقر في الولايات المتحدة, وله اعمال فنية في اكثر من عشرين متحفا عالميا تحمل الى مشاهديها صورا من الاجواء الساحرة التي رسمها الخيام بالكلمات.

منقول

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير