تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي " تاريخ الطبري " أن علي بن الجهم مدح الواثق بعد أن ولي الخلافة، وهذا يدلّ على صلته بالخلفاء قبل المتوكل، وعلى معرفته بما يلائم وما لا يلائم من فنون القول وضروب التشبيه.

وفي هذه القصة لفحة شعوبية تريد تصوير العرب أجلافاً لا يعرفون ذوقاً، ولا يدركون الحسن من السيئ، ولذا جاء هذا البدوي فشبه الخليفة بالتيس والكلب والدلو _ على سليقته زعموا _ وعنده أن هذه الأشياء خير ما يشبه به.

والتاريخ الأدبي يكذب هذه الفرية، فالعرب لم تمدح أحداً بتشبيهه بالحمار أو التيس أو الكلب، وهذا أدبهم بين أيدينا، إنما شبّهوا بالبحر والقمر والشمس والسماء والجبل وغيرها من المشبهات الحسنة، أما عند الهجاء فلا عجب أن يشبهوا بالكلب أو الدلو أو ما قلّ وحقر في عيونهم.

هذا وقد وصف خليل مردم هذه القصة بأنها خيالية، وقال: إن أثر الوضع ظاهر عليها ولكنه لم يبيّن سبب شكّه، ومع ذلك أثبت البيتين الواردين فيها ضمن الديوان، واكتفى بقوله: (والذي نراه - إن صحت نسبة البيتين له - أنه قالهما في أحد مجالس المتوكل يعبث ببعض الندماء أو المضحكين).

5– من القصص المشتهرة في بعض كتب الأدب المعاصرة ما يذكر أن أبا جعفر المنصور كان يحفظ الشعر من مرة واحدة، وله مملوك يحفظه من مرتين، وجارية تحفظه من ثلاث مرات، فكان إذ ا جاء شاعر بقصيدة يمدحه بها، حفظها ولو كانت ألف بيت، ثم يقول له:إن القصيدة ليست لك، وهاك اسمعها مني، ثم ينشدها كاملة، ثم يردف: وهذا المملوك يحفظها أيضاً – وقد سمعها المملوك مرتين، مرة من الشاعر ومرة من الخليفة – فينشدها، ثم يقول الخليفة: وهذه الجارية تحفظها كذلك – وقد سمعتها الجارية ثلاث مرات- فتنشدها، فيخرج الشاعر مكذباً متهماً.

قال الراوي: وكان الأصمعي من جلسائه وندمائه، فعرف حيلة الخليفة، فعمد إلى نظم أبيات صعبة، ثم دخل على الخليفة وقد غيّر هيئته في صفة أعرابي غريب ملثّم لم يبِنْ منه سوى عينيه فأنشده:

صوت صفير البلبل هيّج قلب الثمل

الماء والزهر معاً مع زهر لحظ المقل

وأنت يا سيددلي وسيددي وموللي

ومنها: وقال: لا لا لللا وقد غدا مهرولي

وفتية سقونني قهيوة كالعسل

شممتها في أنففي أزكى من القرنفل

والعود دن دن دنلي والطبل طب طب طبلي

والكل كع كع كعلي خلفي ومن حويللي

وزاد الراوي أن الخليفة والمملوك والجارية لم يحفظوها، فقال الخليفة للأصمعي: يا أخا العرب، هات ما كتبتها فيه نعطك وزنه ذهباً، فأخرج قطعة رخام وقال: إني لم أجد ورقاً أكتبها فيه، فكتبتها على هذا العمود من الرخام، فلم يسع الخليفة إلا أن أعطاه وزنه ذهباً، فنفد ما في خزانته.

.

وهذه القصة لم ترد في مصدر موثوق، وإنما وردت في بعض كتب الأدب المتأخرة ومنها: " إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس "، لمحمد دياب الإتليدي (ت بعد 1100هـ) وهو رجل مجهول لم يزد من ترجموا له على ذكر وفاته وأنه من القصّاص، وليس له سوى هذا الكتاب.و " مجاني الأدب من حدائق العرب " للويس شيخو (ت 1346هـ). ويبدو أن الرجلين قد تلقفا القصة عن النواجي (ت859هـ) _ وقد أشار شيخو إلى كتابه (حلبة الكميت) على أنه مصدر القصة، و النواجي أديب جمّاع، لا يبالي أصحّ الخبر أم لم يصحّ، وإنما مراده الطرفة، فهو يسير على منهج أغلب الإخباريين من الأدباء.

ثم إن أهل التاريخ يذكرون أن صلة الأصمعي كانت بهارون الرشيد لا بأبي جعفر المنصور الذي توفي قبل أن ينبغ الأصمعي، ويُتّخذ نديماً وجليساً، كما أن المنصور كان يلقّب بالدوانيقي، لشدة حرصه على أموال الدولة، وهذا مخالف لما جاء في القصة،وأيضا إذا كان المنصور على هذا القدر العجيب من العبقريّة في الحفظ، فكيف أهمل المؤرخون والمترجمون الإشارة إليها.وهذا النظم الركيك أبعد ما يكون عن الأصمعي وجلالة قدره.

وأخيرا فإنه يصدق على هذه القصّة قول عمر فرّوخ - رحمه الله -: (إن مثل هذا الهذر السقيم لا يجوز أن يُروى، ومن العقوق للأدب وللعلم وللفضيلة أن تؤلف الكتب لتذكر أمثال هذا النظم).

هذا ما يسر الله الإشارة إليه في مبحث الانتحال في الشعر ولا شك أن أمثلته كثيرة، لكن أردت الاشارة إليه، والتذكير به ولعله تنشط همة باحث متخصص لجمع مادة مستتفيضة حول هذا الموضوع متبع فيها أصول البحث وصناعة النقد الأدبي. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ـ[حمزة]ــــــــ[05 - 08 - 2004, 10:18 م]ـ

لك التحية أيها الرائع / المشلب

يقال أن ليلى الأخيلية كانت تسير مع زوجها، فمرا على قبر حبيبها الأول توبة بن الحمير، فقال لها: هذا قبر صاحبك الكذاب الذي قال:

ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ... على ودوني جندل وصفائحُ

لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ... إليها صدىً من جانب القبر صائحُ

فقالت له: سألتك بالله أن، لا تذكر لي سيرته مرة أخرى أتركه وشأنه، فقال لها: سألتك بالله أن تذهبي وتسلمي عليه في قبره، فرفضت ثم أصر عليها بأن تذهب،

فتقدمت من القبر ومالت برأسها من فوق الجمل وقالت: السلام عليك يا توبة، فطار طائر من جانب القبر نفر من الجمل فسقطت من فوق الجمل واندقت عنقها وماتت.

صدق أو لا تصدق

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير