إِنَّ السَّماحَةَ وَالمُروءَةَ ضُمِّنا
ـ[أبوأيمن]ــــــــ[20 - 03 - 2005, 11:06 م]ـ
هدية لأسرة الفصيح
يا مَن بِمَغدى الشَّمسِ أَو بِمَراحِها=أَو مَن يَكونَ بِقرنِها المُتنازِحِ
قُل لِلقَوافِل وَالغزيِّ إِذا غَزَوا=وَالباكِرينَ وَلِلمُجِدِّ الرَّائِحِ
إِنَّ السَّماحَةَ وَالمُروءَةَ ضُمِّنا=قَبراً بمَرو عَلى الطَّريقِ الواضِحِ
فَإِذا مَرَرتَ بِقَبرِهِ فَاعقِر بِهِ=كُومَ الهِجانِ وَكُلَّ طِرفٍ سابِحِ
وَاِنضَح جَوانِبَ قَبرِهِ بِدِمائِها=فَلَقَد يَكونُ أَخا دَمٍ وَذَبائِحِ
وَاظهَر بِبِزَّتهِ وَعَقدِ لوائِهِ=وَاِهتِف بدَعوة مُصلتينَ شَرامِحِ
آبَ الجُنودَ مُعقِّباً أَو قافِلاً=وَأَقامَ رَهنَ حفيرَةٍ وَضَرائِحِ
وَأَرى المَكارِمَ يَومَ زيلَ بِنَعشِهِ=زالَت بِفَضلِ فَضائِلٍ وَمَدائِحِ
وَخَلَت مَنابِرُهُ وَحُطَّ سُروجُهُ=عَن كُلِّ سَلهَبَةٍ وَطِرفٍ طامِحِ
وَكَفى لَنا حَزَناً بِبَيتٍ حَلَّهُ=أُخرى المنونَ فَلَيسَ عَنهُ بِبارِحِ
رَجَفَت لِمَصرَعِه البِلادُ فَأَصبَحَت=مِنّا القُلوبُ لِذاكَ غَيرَ صَحائِحِ
وِإِذا يُناحُ عَلى اِمرئٍ فَتَعلَّمن=أَنَّ المُغيرَةَ فَوقَ نَوحِ النائِحِ
يَبكي المُغيرَةَ دينُنا وَزَمانُنا=وُالمُعوِلاتُ بِرَنَّةٍ وَتَصايُحِ
ماتَ المُغيرَةُ بَعدَ طولِ تَعَرُّضٍ=لِلقَتلِ بَينَ أَسنَّةٍ وَصفائِحِ
وَالقَتلُ لَيسَ إِلى القِتال وَلا أَرى=حَيّاً يُؤَخِّرُ لِلشَّفيقِ النّاصِحِ
لِلَّهِ دَرُّ مَنيَّةٍ فاتَت بِهِ=فَلَقَد أَراهُ يَرُدُّ غَربَ الجامِحِ
هَلا أَتَتهُ وَفَوقَهُ بِزّاتُهُ=يَغشى الأَسِنَّةَ فَوقَ نَهدٍ قارِحِ
في جَحفَلٍ لَجِبٍ تَرى أَعلامَهُ=مِنهُ تُعَضِّلُ بِالفَضاءِ الفاسِحِ
يَقصُ السُّهولَةَ وَالحُزونَةَ إِذا غَدا=بِزهاءِ أَرعَنَ مِثلِ لَيلٍ جانِحِ
وَلَقَد أَراهُ مُجَفِّفاً أَفراسُهُ=يَغشى مَراجِحَ في الوَغا بِمراجِحِ
فِتيانُ عادِيَةٍ لَهُمُ مَرَسُ الوَغى=سَنّوا بِسُنَّةٍ مُعلِمينَ جَحاجِحِ
لَبِسوا سَوابِغَ في الحُروبِ كَأَنَّها=غُدُرٌ تحَيِّرُ في بُطونِ أَباطِحِ
وَإِذا الضِّرابُ عَنِ الطعانِ بَدا لَهُم=ضَرَبوا بمُرهَفَةِ الصُّدورِ جَوارِحِ
لَو عِندَ ذَلِكَ قارَعَتهُ منيّةٌ=لحمى الحِواءَ وَضَمَّ سَرحَ السّارِحِ
كَنتَ الغياثَ لِأَرضِنا فَتَرَكتَنا=فَاليَومَ نَصبِرُ لِلزَّمانِ الكالِحِ
الآنَ لَمّا كُنتَ أكملَ من مَشى=وَاِفتَرَّ نابُكَ عَن شَباةِ القارِحِ
وَتكامَلَت فيكَ المُروءَةُ كُلُّها=وَأَعَنتَ ذَلِكَ بِالفَعالِ الصّالِحِ
فَاِنعَ المُغيرَةَ لِلمُغيرَةِ إِذ غَدَت=شَعواءَ مُجحِرَةً لِنَبحِ النّابِحِ
صَفّانِ مُختَلِفانِ حينَ تَلاقَيا=آبوا بوَجه مُطَلِّقٍ أَو ناكِحِ
وَمُدَحّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزالَهُ=شاكِيَ السِّلاح مُسايفٍ أَو رامِحِ
قَد زارَ كَبشٌ كَتيبَةً بِكَتيبَةٍ=يردي لِكَوكَبِها بِرأَسٍ ناطِحِ
غَيرانَ دونَ حَريمه وَتِلاده=حامي الحَقيقَةِ لِلعدوّ مُكافِحِ
سَبَقَت يَداكَ لَهُ بِعاجِلٍ طَعنَةٍ=شَهَقَت لمنفذها أصولٌ جوانِحِ
وَالخَيلُ تَعثُر في الدِّماءِ وقَد جَرى=فَوقَ النُّحور دِماؤُها بِسرائِحِ
فَتَلهَفي لَهفي عَلَيهِ كُلَّما=خيفَ الغِرار عَلى المُدَرِّ الماسِحِ
تَشفي بِحلمِكَ لابنِ عَمُكَ جَهلَهُ=وَتُرُدُّ عَنهُ كِفاحَ كُلِّ مُكافِحِ
وإِذا يَصولُ بِك ابنُ عَمِّكَ لَم يَصُل=بِمواكِلٍ وَكَلٍ غَداةَ تَجايُحِ
صِلٌّ يَموتُ سليمهُ قَبل الرُّقى=وَمخاتِلٌ لِعَدوّهِ بِتَصافُحِ
وَإِذا الأُمورُ عَلى الرِّجالِ تَشابَهَت=فَتَوَزَّعَت بِمَغالِقٍ وَمَفاتِحِ
فَتَلَ السَّحيلَ بِمُبرَمٍ ذي مرَّةٍ=دونَ الرِّجالِ بِفَضلِ عَقلٍ راجِحِ
وَأَرى الصَّعالِكَ بِالمُغيرَةِ أَصبَحَت=تَبكي عَلى طَلقِ اليَدينِ مُسامِحِ
كانَ الرَّبيع لَهُم إِذا انتَجَعوا النَّدى=وَخَبَت لَوامِعُ كُلِّ بَرقٍ لامِحِ
مَلكٌ أَغَرُّ مُتَوَّجٌ يَسمو لَهُ=طَرفُ الصَّديقِ وَغُضَّ طَرف الكاشِحِ
دَفّاعُ أَلويَةِ الحُروبِ إِلى العِدى=بِسُعودِ طَيرِ سَوانِحٍ وَبَوارِحِ
كانَ المُهَلّبُ بِالمُغيرَةِ كَالَّذي=أَلقى الدِّلاءَ إِلى كفيتٍ مائِحِ
فَأَصابَ جُمّة مُستَقى فَسَقى لَهُ=في حَوضِهِ بِنَوازِعٍ وَمَواتِحِ
أَيام لَو يَحتَلُّ وَسطَ مَفازَةٍ=فاضَت معاطِشُها بِشربٍ سائِحِ
إِنَّ المهالِبَ لا يَزالُ لَهُمُ فَتىً=يَمري قَوادِمَ كُلِّ حَربٍ لاقِحِ
بِالمُقرَباتِ لَواحِقاً أَقرابُها=تَجتابُ عَرضَ سَباسِبٍ وَصَحاصِحِ
تُردي بِكُلِّ مُدَجّجٍ ذي نَجدةٍ=كَالأُسدِ بَينَ عَرينِها المُتناوِحِ
مُتَلَبِّبَاً تَهفو الكَتائِبُ حَولَهُ=مُلحَ البُطونِ مِن النَّضيحِ الرَّاشِحِ
يا عينُ فَاِبكي ذا الفِعالِ وَذا النَّدى=بِمَدامِعٍ سَكبٍ تَجيءُ سَوافِحِ
وَابكيهِ في الزَّمَنِ العُثور لكلِّنا=وَلِكُلِّ أَرمَلَةٍ وَرَهبٍ رازِحِ
فَلَقَد فَقَدتِ مُسَوِّداً ذا نجدَةٍ=كَالبَدرِ أَزهَرَ ذا جَداً وَنوافِحِ
كانَ المَلاكَ لدينِنا وَرَجائِنا=وَملاذَنا في كُلِّ خَطبٍ فادِحِ
فَمَضى وَخَلَّفنا لِكُلِّ عَظيمَةٍ=وَلِكُلِّ أَمرٍ ذي زَلازِلَ جامِحِ
ما قُلتُ فيكَ فَأَنتَ أَهلُ مَقالَتي=بَل قد يُقصِّرُ عَنكَ مَدحُ المادِحِ
القصيدة لزياد الأعجم مولى عبد القيس يرثي فيها المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة
من الموسوعة الشعرية
¥