تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حياة إمرى القيس]

ـ[عاشقة اللغة]ــــــــ[11 - 11 - 2005, 12:04 ص]ـ

امرؤ القيس:

لعل أقدم الشعراء الذين يروى لهم شعر كثير ويتحدث الرواة عنهم بأخبار كثيرة فيها تطويل وتفصيل هو امرؤ القيس.

ونحن نعلم أن الرواة يتحدثون بأسماء طائفة من الشعراء زعموا أنهم عاشوا قبل امرئ القيس وقالوا شعرا، ولكنهم لا يروون لهؤلاء الشعراء إلا البيت أو البيتين أو الأبيات.

وهم لا يذكرون من أخبار هؤلاء الشعراء إلا الشىء القليل الذى لا يغنى.

وهم يعللون قلة الأخبار والأشعار التى يمكن أن تضاف إلى هؤلاء الشعراء ببعد العهد وتقادم الزمن وقلة الحفاظ.

وقد رأيت فى الكتاب الماضي أن لمكيلا من النقد لما يضاف إلى هؤلاء الشعراء ينتهى بك إلى جحود ما يضاف إليهم من خبر أو شعر.

فلندع هؤلاء الشعراء ولنقف عند امرئ القيس وأصحابه الذين يظهر أن الرواة عرفوا عنهم ورووا لهم الشىء الكثير.

من امرؤ القيس؟

أما الرواة فلا يختلفون فى أنه رجل من كنده.

ولكن، من كنده؟

لا يختلف الرواة فى أنها قبيلة من قحطان؛ وهم يختلفون بعض الاختلاف فى نسبها وفى تفسير اسمها وفى أخبار سادتها.

ولكنهم على كل حال يتفقون على أنها قبيلة يمانية، وعلى أن امرأ القيس منها.

فأما اسم امرئ القيس واسم أبيه واسم أمه فأشياء ليس من اليسير الاتفاق عليها بين الرواة؟

فقد كان اسمه امرأ القيس، وقد كان اسمه حندجا، وقد كأن اسمه قيسا.

وقد كان اسم أبيه عمرا، وقد كان اسم أبيه حجرا أيضا.

وكان اسم أمه فاطمة بنت ربيعة أخت مهلهل وكليب، وكأن اسم أمه تملك.

وكان امرؤ القيس يعرف بأبى وهب، وكان يعرف بأبى الحارث.

ولم يكن له ولد ذكر.

وكان يئد بناته جميعا. وكانت له ابنه يقال لها هند؟

ولم تكن هند هذه ابنته وانما كانت بنت أبيه.

وكان يعرف بالملك الضليل، وكان يعرف بذي القروح.

وعليك أنت ان تستخلص من هذا الخليط المضطرب ما تستطيع ان تسميه حقا أو شيئا يشبه الحق.

وأي شيء أيسر من أن تأخذ ما اتفقت عليه كثرة الرواة على أنه حق لاشك فيه؟

وكثرة الرواة قد اتفف على أن اسمه حندج بن حجر، ولقبه امرؤ القيس، وكنيته أبو وهب؟

وأمه فاطمة بنت ربيعه.

على هذا اتفقت كثرة الرواة.

وإذا اتفقت الكثرة على شيء فيجب أن يكون صحيحا أو على اقل تقدير يجب أن يكون راجحا.

أما أنا فقد أطمئن إلى آراء الكثرة، أو قد أرانى مكرها على الاطمئنان لأراء الكثرة، فى المجالس النيابية وما يشبهها.

ولكن الكثرة فى العلم لا تغنى شيئا؟

فقد كانت كثرة العلماء تنكر كروية الأرض وحركتها، وظهر بعد ذلك أن الكثرة كانت مخطئة.

وكانت كثرة العلماء ترى كل ما أثبت العلم الحديث أنه غير صحيح. فالكثرة فى العلم لا تغنى شيئا.

وإذا فليس من سبيل الى أن نقبل قول الكثرة في امرئ القيس؟ وانما السبيل أن نوازن بينه وبين ما تزعم القلة.

وليس إلى هذه الموازنة المنتجة من سبيل إذا لاحظت ما قدمناه فى الكتاب الماضي من هذه الأسباب التى كانت تحمل على الانتحال وتكلف القصص.

وإذا فلسنا نستطيع أن نفصل بين الفريقين المختلفين، وانما نحن مضطرون إلى أن نقبل ما يقول أولئك وهؤلاء على أن الناس كانوا يتحدثون به دون أن نرف وجه الحق فيه.

ولعل، هذا وأشباهه من الخلط فى حياة امرئ القيس أوضح دليل على ما نذهب إليه من أن امرأ القيس إن يكن كد وجد حقا- ونحن نرجح ذلك ونكاد نوقن به - فإن الناس لم يعرفوا عنه شيئا إلا اسمه هذا، وإلا طائفة من الأساطير والأحاديث تتصل بهذا الاسم.

وهنا يحسن أن نلاحظ أن الكثرة من هذه الأساطير والأحاديث لم تشع بين الناس إلا فى عصر متأخر: وفى عصر الرواة المدونين والقصاصين.

فأكبر الظن إذا أنها نشأت فى هذا العصر ولم تورث عن العصر الجاهلى حقا.

وأكبر الظن أن الذى أنشأ هذه القصة ونماها إنما هو هذا المكان الذى احتلته قبيلة كندة فى الحياة الإسلامية منذ تمت للنبي السيطرة على البلاد العربية إلى القرن الأول للهجرة.

فنحن نعلم أن وفدا من كندة وفد على النبى وعلى رأسه الأشعث بن قيس.

ونحن نعلم أن هذا الوفد طلب - فيما تقول السيرة - إلى النبى أن يرسل معهم مفقها يعلمهم الدين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير