تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[شجن الحكيم وحكم الشجين .. (من روائع أبي الطيب) ..]

ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[13 - 08 - 2007, 12:54 ص]ـ

:::

اللهم غفرا غفرا وشكرا شكرا

اللهم صلي وسلم على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين

ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين,,

فها قد عدنا - أيها الأحباب - إلى صاحبنا الثاني ورفيقنا الأول ..

إلى أبي المحسّد ... المحسّد ... أبا الطيب المتنبي ..

والقلب يأبى إلا أن يعود إليه ..

إنتقيت لكم هذه المرة هذه المقطوعة المقتطفة

من إحدى قصائده وهي في هجاء إسحاق بن كيغلغ -أحد ولاة الشام وقتئذ-

وتعدّ هذه من روائع شعره "الهَمَرْجَل"

لما تضمنته من حكم فريدة ومعاني بديعة

نقشت في صخرة الدهر بقريحة هذا الشاعر العبقري ..

وفي هذه الابيات نبرة حزن مشحون يجدها في صدره كل مشجون

بيد أنه شَجَن حكيمٍ و بثُّ صائغٍ عليمٍ ... وتراث شاعر عظيم ..

لا زال الدهر يشدو بأبياته بعدما فقد من يلقّنه نوحاً جديداً يترنّم به ..

سنعود بإذن الله إليها -كعادتنا فيما كان قبلها - بالتأمّل والإمعان ..

قال أبو الطيب: أحمد بن الحسين الجعفي المذحجي:

لهَوَى النّفُوسِ سَرِيرَةٌ لا تُعْلَمُ =عَرَضاً نَظَرْتُ وَخِلْتُ أني أسْلَمُ

يا أُختَ مُعْتَنِقِ الفَوَارِسِ في الوَغى= لأخوكِ ثَمّ أرَقُّ منكِ وَأرْحَمُ

رَاعَتْكِ رَائِعَةُ البَياضِ بمَفْرِقي= وَلَوَ انّهَا الأولى لَرَاعَ الأسْحَمُ

لَوْ كانَ يُمكِنُني سفَرْتُ عن الصّبى =فالشّيبُ مِنْ قَبلِ الأوَانِ تَلَثُّمُ

وَلَقَدْ رَأيتُ الحادِثاتِ فَلا أرَى= يَقَقاً يُمِيتُ وَلا سَوَاداً يَعصِمُ

وَالهَمُّ يَخْتَرِمُ الجَسيمَ نَحَافَةً= وَيُشيبُ نَاصِيَةَ الصّبيّ وَيُهرِمُ

ذو العَقلِ يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ= وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ

وَالنّاسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فمُطلَقٌ =يَنسَى الذي يُولى وَعَافٍ يَنْدَمُ

لا يَخْدَعَنّكَ مِنْ عَدُوٍّ دَمْعُهُ= وَارْحَمْ شَبابَكَ من عَدُوٍّ تَرْحَمُ

لا يَسلَمُ الشّرَفُ الرّفيعُ منَ الأذى= حتى يُرَاقَ عَلى جَوَانِبِهِ الدّمُ

يُؤذي القَليلُ مِنَ اللّئَامِ بطَبْعِهِ= مَنْ لا يَقِلّ كَمَا يَقِلّ وَيَلْؤمُ

وَالظّلمُ من شِيَمِ النّفوسِ فإن تجدْ= ذا عِفّةٍ فَلِعِلّةٍ لا يَظْلِمُ

وَمن البَليّةِ عَذْلُ مَن لا يَرْعَوي= عَن جَهِلِهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ

============

وأردد .. :

وَمن البَليّةِ عَذْلُ مَن لا يَرْعَوي= عَن جَهِلِهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ

والسلام,,,

ـ[ليلى الاخيلية]ــــــــ[13 - 08 - 2007, 10:21 ص]ـ

الأستاذ الفاضل رؤبة ..

انتقاءٌ موفق واختيارٌ مسدد .. لأبياتٍ تفيض حكمة وتقطر إبداعاً ..

وتقديمك بين يدي الأبيات زادها حسناً وجمالاً ...

بانتظار عودتك لهذه الرائعة .. بالتأمل والإمعان ..

كل الشكر لك أستاذي الفاضل ..

ـ[ابن بريدة]ــــــــ[13 - 08 - 2007, 01:30 م]ـ

لله در أبي الطيب، فهو ظاهرة في الشعر.

شكرًا أخي على هذا الانتقاء الجميل.

ـ[أحاول أن]ــــــــ[13 - 08 - 2007, 03:17 م]ـ

:::

حيى الله هذه العودة بصحبة المتنبي أستاذ رؤبة ..

ولئن كان المتنبي صاحبا ورفيقا فليكن في أي ترتيب ٍ شئت ..

ففي هذه الأيام كان ديوان أبي تمام صاحبا , فنازع أبا الطيب لكنه لم يغلبه "حتى الآن على الأقل "

في هذه القطعة الحزينة يبدو المتنبي في أسوأ حالاته النفسية , تظهر الرؤية السوداوية القاتمة للدنيا من حوله ..

ومع أن بعض أبياتها ذاع على ألسنة الناس , وسارت به الركبان .. إلا أنه كان شاكيا أكثر منه حكيما –بعكس ما كان في جُلّ ديوانه ..

وأكثر هذه الأبيات صدقا وتجريبا:

ذو العقل يشقى في النعيم ِ بعقلِه ِ ** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم ُ!!

صدق والله ..

وأكثرها بعدا عن الإنصاف:

والظلم من شيم النفوس فإن تجد ** ذا عفة ٍ فلعلَّة ٍ لا يظلم ُ

وبما أنك أيها الأديب الحاذق , اخترت الشجن لذاك الحكيم ,, تأمل شجنا هنا ينضح حكمة مكنونة , ويفضح ألما مكبوتا ..

حين يمدح –راغما- من لا يقدر هذا المدح؛ فيعلِّل َ راغبا لمن يعنيه ذاك الوجَع ..

اسمع معزوفة ً حزينة .. بأنامل َذابلة ٍ على أوتار ٍ من أوردة ..

في حديث ٍ لقلبه الوفي ما سمعت أشجى منه:

تمنيتها لما تمنيت أن أرى ** صديقا فأعيا .... أو عدوا مُداجيا

وهذا ما نشكو!

إذا كنت َ ترضى أن تعيش بذلَّة ٍ **فلا تستعدَّن ّ الحسام اليمانيا

ولا تستطيلن َّ الرماح لغارة ٍ ** ولا تستجيدن َّ العتاق المذاكيا

فما تنفع الأسد الحياء ُ من الطوى ** ولا تُتَّقى ... حتى تكون َ ضواريا!!

منطق الرجل الشجاع ..

حببتُك قلبي ,,,قبل حبك من نأى ** وقد كان غدَّرا!! فكن أنت َ وافيا!!

هل يمكن أن يخاطب الإنسان قلبه فيقول: قد أحببتك!

وأعلم أن البين َ يُشْكيك َ بعدُه ُ ... فلست َ فؤادي!!!! إن رأيتُك شاكيا!!

براءة .. و تهديد .. من أجل الكرامة!

فإن َّ دموع َ العين ِ غُدْر ٌ بربِّها! **إذا كن َّ إثر الغادرين َ جواريا!!!

وما أكثر ما تغدر!

إذا الجود لم يُرزق خلاصا من الأذى ** فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا

وللنفس ِ أخلاق ٌ تدل ُّ على الفتى **أكان سخاء ً ما أتى أم تساخيا!!

هي العنوان .. والهوية الشخصية ..

أقلَّ اشتياقا أيها القلب ... ربما ** رأيتُك تصفي الود َّ من ليس صافيا

تأمل فعل الأمر .. لا يقول لا تشتاق؛لأنه يعرف أن هذا طلب محال .. لكن شوقا قليلا,, فقط ليكون الأمر ممكنا ..

خُلقْت ُ ألوفا .... لو رجعت ُ إلى الصبا ** لفارقت شيبي موجع القلب ِ .. باكيا

حماك الله أبا الهذيل , تقديم يليق بالنص وصاحبه وناقله ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير