تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[طه حسين قصد هدم الأدب الجاهلي أم القرآن؟!]

ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[05 - 09 - 2007, 05:43 م]ـ

ثمانون عاما على فتنة كتاب (في الأدب الجاهلي) لطه حسين:

كيف استهدف الكتاب نسف مرجعية القرآن الكريم؟!

د. محمد وقيع الله

حصلت من مكتبة جامعة هارفارد على نسخة نادرة من الطبعة الأولى لكتاب (في الشعر الجاهلي) للدكتور طه حسين وعليها تاريخ صدورها (مارس 1926م). والمعروف أن الكتاب كان قد أثار ضجة عظمى في أوساط الفكر والأدب والدين إبان صدوره ثم صُودرت نسخه بحيث تعذّر العثور عليها بعد ذلك ولو على سبيل التوثيق العلمي.

وقد وجدت على النسخة المودعة بمكتبة جامعة هارفارد إهداء شخصياً من مؤلف الكتاب إلى المستشرق البريطاني المعروف هاملتون جب يقول فيه: «إلى الأستاذ الكبير المستر جب مع التحية الخالصة .. المؤلف طه حسين 21 سبتمبر 1926م». ويبدو أن جب تبرّع بنسخته الخاصة من الكتاب لمكتبة الجامعة، وللدكتور جب المولود بالاسكندرية أستاذية غير مباشرة على طه حسين، كما كان معجباً جد الإعجاب باتجاهات طه حسين الجذرية في تحليل الأدب والفكر، وتقليد مناهج المستشرقين، وتبني آرائهم، والدفاع عنها، ودفعها في مجاري الفكر في العالم العربي والإسلامي.

آثار جب على طه حسين:

على أنه توجد بصفحات من هذه النسخة المهداة، من طه حسين إلى أستاذه جب، تعليقات بخط اليد يبدو فيها الأستاذ وكأنه يرفض تمادي طه حسين في تقليد المستشرقين، ويستنكر جرأته وجسارته الفادحة ولا مبالاته -أو بألفاظنا الحديثة تطرفه- في سوق الأدلة على صحة نظريات المستشرقين الفطيرة التي تنكر وجود الشعر الجاهلي، وتزعم أنه شعر انتحله المسلمون، ونسبوه إلى الأقوام الجاهليين!

وقد غدا معروفاً أن الدكتور طه حسين إنما سطا على مقال مطوّل نشره المستشرق الإسرائيلي الأصل ديفيد صمويل مرغليوث في العدد الصادر بتاريخ يوليو 1925 بمجلة: Royal Asiatic Society The، بعنوان: ( The Origins of Arabic Poetry). ولكن أوساط النقد الأدبي في العالم العربي لم تبسط بعد أبحاثها باتجاه مصدر آخر ملهم للدكتور طه حسين وهو الأستاذ جب. وقد دفعني فضولي إثر عثوري على نسخة هارفارد من كتاب (في الشعر الجاهلي) والاطلاع على الإهداء ومراجعة تعليقات جب على آراء طه حسين، إضافة إلى ملحوظة هادية من أستاذنا الشيخ أحمد سليمان المحامي، حفظه الله، إلى التأمل مجدداً في صلة طه حسين بالبروفسور هاملتون جب، فإذا بي أعثر على خيوط الموضوع.

فها هو جب يمهّد لنظرية إنكار الشعر الجاهلي الاستشراقية في بحث له بعنوان: (التاريخ) ورد في كتابه (حضارة الإسلام) وزعم فيه أن الرواية الشفهية لدى العرب لا يوثق بها لنقل أي شيء عن تاريخهم. وقال في نص طويل: «ربما توقعنا أن يوجد في اليمن، وهي مركز حضارة عريقة حفظت لنا آثارها النقوش المعينية والسبأية والحميرية، ضربٌ من ضروب الروايات التاريخية المدونة. إلا أن جميع ما وصلنا يحمل طابع الرواية الشفوية؛ ويشتمل على قليل من أسماء ملوك قدماء، وقصص يشوبها الغموض والمبالغة عن ماض موغل في القدم، وأخبار أدق من ذلك وعتها الذاكرة، من أحداث القرن الأخير السابق للإسلام، لكنها أيضاً أخبار يحلقها الاضطراب.

وفي أثناء القرن الأول الهجري نسج الخيال حول هذه الروايات المنقولة شفوياً طائفة من الأخبار الأسطورية. زعموا أنها تاريخ قديم لبلاد العرب، ونسبوها إلى وهب بن منبه وعبيد بن شرية. ويمدنا كتابا هذين الرجلين الاخباريين ببرهان ساطع على أن العرب الأّول كانوا يفتقرون إلى الحس والمنظور التاريخيين، حتى عندما يتطرقان إلى ذكر أحداث تكاد معاصرة لهما. ومع هذا فقد تقبلت الأجيال المتأخرة أكثر ما كتباه، وأدخله المؤرخون وغيرهم من المؤلفين في كتبهم. وكان ابن اسحق ممن رووا عن عبيد، وجمع عبد الملك بن هشام (كتاب التيجان) لوهب بن منبه بالصورة التي بلغتنا. حتى الطبري وهو يعد فريداً في ميدان التأليف الديني استمد في تفسيره الكبير للقرآن الكريم من أقاويل وهب بن منبه.

فكرة نحل الشعر:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير