تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من روائع شعر الفرار .. ((أبو جلدة اليشكري)) ..]

ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[27 - 08 - 2007, 03:03 ص]ـ

:::

الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى,,

أما بعد:

فهذه أبيات قالها أبو جلدة بن عبيد اليشكري هارباً من خيول الشام

الأمويّة ..

في غمار فتنة ابن الأشعث بالعراق,,

وأبو جلدة هو شاعرمن شعراء بكر بن وائل وربيعة المجيدين

من أهل الكوفة ..

كان أحد ولاة الأمويين ومن خاصّة الحجاج بن يوسف الثقفيّ!!

حتى أنه لمّا قُتل واحتزّت رأسُهُ قال الحجاج -وقد أمسك ينظرُ إليه طويلاً-:

((كم أودعت في هذا الرأس من سرّ لم يخرج حتى أتي به مقطوعاً!!!)) ...

وقد شارك شاعرنا مع ابن الأشعث -وقد قلب للحجّاج ظهر المجنّ-

باللسان والسنان فلم يغن عنه شيّاً ..

ولقي مصرعه بتلك الصورة المؤسفة.

إذا أمعنّا النظر إلى هذه الأبيات نجد أنها تحمل طابعاً فريداً من نوعه ..

ألا وهو الاعتراف بمرارة بالهزيمة

إلى جانب هجاء الشاعر نفسه و قومه الفارّين ...

وتحمل هذه الأبيات -أيضاً- معانياً بديعةً أظننا أحقّ بالتمثُّل بها

في ساحة هذا العصر ..

عصر النكبات والهزائم التي ابتليت بها الأمة المسلمة ..

من وراء هوان رجالاتها وتقاعسهم عن نصرتها والقيام بأمرها

كما يحبّ ربُّها ويرضى ..

قال أبو جلدة بن حبيب بن منقذ اليشكري البكريّ:

لعمري لأهل الشام أطعن بالقنا = وأحمى لما تُخشى عليه الفضائِحُ

همُ المقدمون الخيل تدمى نحورُها = إذا ابيضَّ من هول اللقاءِ المسائِحُ1

فررنا عجالاً عن بنينا وأهلنا = وأزواجنا إذ عارضتنا الصفائِحُ

جبنَّا وما من مورد الموتِ مهربٌ = ألا قُبِّحت تلكَ النفوسُ الشحائحُ!!

تركنا لهم صحن العراق وناقلت = بنا الأعوجيّاتُ الطوالُ الشرامحُ2

فقل للحواريّات يبكين غيرنا = ولا تبكنا إلا الكلابُ النوابحُ!!!

بكينَ إلينا خشيةً أن تبيحها = رماحُ النصارى والسيوفُ الجوارحُ3

بكينَ لكيما يمنعوهنَّ منهمُ = وتأبى قلوبٌ أضمرتها الجوانِحُ!

وناديننا:" أين الفرار؟!! وكنتمُ = تغارون أن تبدو البُرى والوشائحُ"!! 4

أأسلمتونا للعدوّ على القنا =إذا انتزعت منها القرون النواطِحُ؟!! 5

فما غار منكم غائرٌ لحليلةٍ = ولا عَزَبٌ عزَّت عليه المناكحُ؟!!


المفردات:

1 - المسائح: جمع مسيحة وهي مقدمة شعر الرأس.

2 - الأعوجيات الطوال الشرامح: يعني بها الخيول المنسوبة إلى أعوج
وهو فحل تنسب إليه الخيول الأعوجية

3 - رماح النصارى: يعني بهم أهل الشام!
وكان أهل العراق وقتئذ يسمّون أهل الشام بالنصارى لمجاورتهم إياهم ..

4 - البرى والوشائح: إحدى زينة النساء وقتئذ.

5 - القرون النواطح: المقصود الأبطال والفرسان الحماة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير