وما كان رسمي حاجباً لحقيقتي ... وفي نظراتي من خفوق فؤادي
وهناك تناغم وانسجام بين هيئة الصورة، وبين الشعر الموصول بها، المترجم عنها.
والشاعر يشيد بالصداقة الصادقة، والأخوة الكريمة، ويعلن أن في ملامح الوجه كما صوره المصور ما يدل على حقيقة ما في القلب من محبة ومودة.
وارتاد الشاعر البحر نفسه (الطويل) والروي نفسه (الدال) لينشئ قطعة أخرى كتبها على إحدى صوره، واستخدم كلمة الوداد والفؤاد اللتين وردتا في القطعة السابقة، قال:
على صورتي قد لاح صدق ودادي ... وروحي بها كالجمر تحت رماد
وإن الذي للذكر يحفظ صورتي ... له صورة في مقلتي وفؤادي
وجاء في هذه القطعة بفكرة جديدة، وهو يقول: إن مكافأة الشاعر بحفظ صورته أن يحتفظ له بصورة في قلبه جزاء وفاقاً.
وقدم صورة من صوره إلى فتاة ـ كما هو ظاهر من النص ـ مع ثناء من الشاعر على جمالها وثناء آخر على شعره الذي يعطي الفتاة كمالها، وقال إن كان الأمر مكافأة شيء بشيء: فقد بعث لها برسمه فلتبعث له بخيالها.
وفي البيت تورية لطيفة فالمعنى الظاهر أن تبعث له بصورتها، (واستعمل كلمة الخيال لمعنى الصورة) والمعنى الحقيقي المقصود أن تبعث له بطيفها في المنام! قال:
هذه صورة من يهوى الجمالا ... وبشعر خالد يعطي الكمالا
إن يكن شيء بشيء فابعثي ... بدلاً من رسمه الباقي خيالا!
وحظيت صورة والدة الشاعر بقطعتين في ديوانه هذا، فقد كتب على إحدى صورها:
سلام عليك صباح مساء ... فقد كنت من فضليات النسا
لقلبي وعيني منك هدى ... ورسمك منه لجرحي أسا
فهي من فضليات النساء، وصورة والدته المداواة والعلاج لجرحه.
وكتب على صورة أخرى لوالدته، ويلاحظ أن في الصورة ملامح علة كانت تشكو منها:
هذه صورة أمي في السقام ... فلها مني صلاة وسلام
بمحياها اهتدائي مثلما ... يهتدي بالنجم سار في الظلام
وقد تأثر أسلوبه بطرح الفكرة التي تدور في مخيلته في بيتين اثنين دون زيادة كقوله (وقد نظمه قبل وفاته):
على عمرانها الدنيا خراب ... ومع قمريها ينعى الغراب!
فدعها غير مأسوف عليها ... فأولها وآخرها تراب.
ـ[عبد القادر علي الحمدو]ــــــــ[23 - 08 - 2007, 10:47 م]ـ
أخي الحبيب الأستاذ أحمد الغنام، تكلمت فأوفيت، ونصحت فأغنيت، فشكر الله لك وأدخلك جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.
وأرجو ألاَّ ينسى هذا الموضوع وأتمنى أن يثرى بالمزيد من الإضاءات على حياة الشاعر وشعره، وإسلامه وثقافته قبل وبعد ...... فإني-إن شاء الله- سأبحث فيه.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[24 - 08 - 2007, 09:33 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الحمدو، وننتظر المزيد عن حياة هذا الشاعر المجيد ...