تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقع شرح ديوان المتنبي بعد تحقيقه وتقديمه في خمسة مجلدات تصل صفحاتها كلها الى ما يقرب من ???? صفحة وعنوانه في الأصل والثابت في التحقيق هو «الفسر، شرح بن جني الكبير على ديوان المتنبي، صنعة أبي الفتح عثمان بن جني المتوفى سنة ???ه.» تولى التحقيق والتقديم الشاعر والناقد الدكتور رضا رجب الأستاذ في جامعة حماه، وأظن أنه بهذا المشروع الكبير قد نال به درجة الدكتوراه التي تعد - من وجهة نظري - مقابلاً قليلاً ازاء هذا الجهد المضني الذي أثبت فيه الدكتور رجب ان البحث العلمي في الوطن العربي لا يزال بخير، وان هناك رهباناً للمعرفة يعكفون على دراسة الموروث الأدبي واللغوي بإخلاص نادر المثال، وانهم يمضون السنوات الطوال في الانكباب على تحقيق مخطوطة أو مطبوعة فلا يشعرون بكلل أو ملل.

والحق يقال بأن تحقيق كتاب «الفسر» بهذا القدر من العناية والدقة والتوسع في الاضاءة اللغوية والتاريخية يؤكد ان الجامعات العربية تواصل - تحت كل الظروف - رسالة حمل الأمانة العلمية، مؤكدة حاجتنا الى اعادة الاهتمام بالموروث، لا لكي يحل مشكلات حاضرنا، وانما لكي يساعدنا على اكتشاف الخلل الذي أصاب الواقع الراهن وأفقدنا الثقة بالذات والقدرة على تحقيق الأهداف، ولأن الخروج من متاهة الضعف العربي الراهن لا يقوم على قاعدة معرفية ذات بعد واحد تتجلى في ثقافة الحاضر، وانما يقوم أيضاً على قاعدة أخرى تتجلى في ثقافة الماضي، لا سيما في مجال اللغة ومناهج تطويرها واستفادة علماء العربية المعاصرين من مستجدات اللسانيات الحديثة كما استفاد النقاد والبلاغيون العرب في الماضي. سبقت الاشارة الى ان كتاب «الفسر» أو الشرح الكبير لديوان المتنبي قد ظهر بعد تحقيقه وطبعه في خمسة مجلدات، وتبقى الاشارة الى ان المحقق قد خصص المجلد الأول وعدد صفحاته «???» لدراسة الكتاب موضوع التحقيق بطريقة علمية منظمة. ويتألف هذا المجلد الذي جعله الدكتور رضا رجب مستقلاً عن المجلدات الاربعة الأخرى التي ضمت الشرح الكبير، يتألف من أربعة أبواب: الأول عن عصر ابن جني وحياته، والثاني عن مذهب ابن جني في النحو، والباب الثالث عن منهج ابن جني في شرح ديوان المتنبي. أما الباب الرابع والأخير فيتحدث فيه المحقق عن تأثير ابن جني في شروح الديوان التي جاءت بعد «الفسر» ومآخذ شراحها عليه. وأثبت المحقق ان ابن جني، كان هو المحرض الأول الذي انطلق منه شرح المتنبي في ما بعد. ولكي يأخذ القارئ فكرة عن منهج ابن جني سأحاول اختزال ما توسع فيه المحقق عن ذلك المنهج في نقاطه السبع بألفاظه وأسلوبه:

أولاً: رتب ابن جني القصائد بحسب الترتيب الهجائي الألفبائي. وكان دقيقاً في ذلك الترتيب ... ولاعتراف أبي الفتح بالمكانة التي بلغها المتنبي عند سيف الدولة، وتقديراً منه لتفوق القصائد التي نظمها في مدح سيف الدولة على ما سبقها وما تلاها، فقد بدأ بقصائد المتنبي في سيف الدولة في كل حرف.

ثانياً: اشار أبو الفتح في منهجه الى انه سيذكر ما كان يحدث بينه وبين الشاعر من محاورات حول شعر الشاعر، وهو هنا يؤكد جملة أمور أولها: انه قرأ الديوان عليه، وثانيها أن كثيراً من الشروح الواردة في هذا الكتاب انما هي لأبي الطيب بلفظه ومعناه تارة، وبصياغة أبي الفتح لفكرة الشاعر التي ألقاها اليه.

ثالثاً: روى أبو الفتح الديوان كاملاً، ويكون بهذا أول مصدر لرواية الديوان، بل وأوثقه.

رابعاً: شرح ابن جني الديوان وفق فهم خاص، فتجاوز ما ظنه سهل التناول، وتوقف عند الأبيات التي رأى ضرورة في توضيحها ونص على ذلك صراحة.

خامساً: أشار أبو الفتح الى انه تنكب اغتراق ذكر أخباره المأثورة عنه في نظم ديوانه معللاً ذلك بشهرته في أيدي الناس.

سادساً: أشار أبو الفتح الى انه سيذكر «غبرة من أبياته لم تدون عنه» وكنا نتمنى لو أوصلنا أبو الفتح الى يقين يطمئن اليه في هذه المسألة، ولكن الذي حدث هو أنه لم يورد الا بيتاً واحداً زيادة عما عند الآخرين. بينما أسقط من روايته أبياتاً ومقطعات رأى غيره صحة نسبتها الى الشاعر.

سابعاً: مع اعتراف أبي الفتح بأنه وضع شرحه أصلاً ليكون شاملاً جامعاً لكل ما يجب أن يعرف عن شعر الشاعر تفسيراً وتعليلاً وتوضيحاً، فإنه وضع نصب عينيه عدم الإطالة، وإن حصلت، فإنما عن سابق عمد من الشارح «مما قد تضمن فائدة وحسر شبهه.» وقد وفق في ذلك الى حد أن كثيراً مما رمى به أبو الفتح من انتقادات في غير مكانها.»

ذلك ما كان يطمح اليه ابن جني وهو يصنع شرحه الرائد لديوان المتنبي، وأحسب ان القارئ سيلمس ثمرة ذلك عند قراءته لهذا الجهد الذي يظل فضل اخراجه وتحقيقه وجعله في متناول القراء، للدكتور رضا رجب بجهده المضني وعكوفه على انجاز هذا العمل الذي أرى أنه سيضيء الكثير من جوانب شعر شاعر العربية الأول أبي الطيب المتنبي.

عبدالعزيز المقالح

ـ[معالي]ــــــــ[09 - 09 - 2007, 05:07 م]ـ

شكرًا جزيلا لك، أخي الكريم

كلام جميل من الدكتور عبدالعزيز، وإن كان شيخنا أ. د.عبدالله العضيبي يرى أن هذه المقولة لا يمكن أن تكون قد وردت عن المتنبي، حتى وإن كان بينه وبين ابن جني ما نعرفه من صلات الإعجاب المتبادل!

ومرجع الشيخ ما عرف عن المتنبي من الكبر والأنفة وغير ذلك مما يتصل بشخصيته المعتدة.

والله أعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير