ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[10 - 03 - 2008, 01:31 م]ـ
بلغ أبا فراس أن أمه ذهبت من منبج إلى حلب تكلم سيف الدولة في المفاداة فردّها خائبة، فبعث اليه يقول:
يا حَسرَةً ما أَكادُ أَحمِلُها =آخِرُها مُزعِجٌ وَأَوَّلُها
عَليلَةٌ بِالشَآمِ مُفرَدَةٌ =باتَ بِأَيدي العِدى مُعَلِّلُها
تُمسِكُ أَحشاءَها عَلى حُرَقٍ =تُطفِئُها وَالهُمومُ تُشعِلُها
إِذا اِطمَأَنَّت وَأَينَ أَو هَدَأَت= عَنَّت لَها ذُكرَةٌ تُقَلقِلُها
تَسأَلُ عَنّا الرُكبانَ جاهِدَةً =بِأَدمُعٍ ماتَكادُ تُمهِلُها
يامَن رَأى لي بِحِصنِ خِرشَنَةٍ= أُسدَ شَرىً في القُيودِ أَرجُلُها
يامَن رَأى لي الدُروبَ شامِخَةً =دونَ لِقاءِ الحَبيبِ أَطوَلُها
يامَن رَأى لي القُيودَ موثَقَةٌ= عَلى حَبيبِ الفُؤادِ أَثقَلُها
يا أَيُّها الراكِبانِ هَل لَكُما= في حَملِ نَجوى يَخِفُّ مَحمَلُها
قولا لَها إِن وَعَت مَقالَكُما =وَإِنَّ ذِكري لَها لَيُذهِلُها
يا أُمَّتا هَذِهِ مَنازِلُنا= نَترِكُها تارَةً وَنَنزِلُها
يا أُمَّتا هَذِهِ مَوارِدُنا= نَعُلُّها تارَةً وَنُنهَلُها
أَسلَمَنا قَومُنا إِلى نُوَبٍ =أَيسَرُها في القُلوبِ أَقتَلُها
وَاِستَبدَلوا بَعدَنا رِجالَ وَغىً =يَوَدُّ أَدنى عُلايَ أَمثَلُها
لَيسَت تَنالُ القُيودُ مِن قَدَمي= وَفي اِتِّباعي رِضاكَ أَحمِلُها
ياسَيِّداً ماتُعَدُّ مَكرُمَةٌ= إِلّا وَفي راحَتَيهِ أَكمَلُها
لاتَتَيَمَّم وَالماءُ تُدرِكُهُ= غَيرُكَ يَرضى الصُغرى وَيَقبَلُها
إِنَّ بَني العَمِّ لَستَ تَخلُفُهُم =إِن عادَتِ الأُسدُ عادَ أَشبُلُها
أَنتَ سَماءٌ وَنَحنُ أَنجُمُها =أَنتَ بِلادٌ وَنَحنُ أَجبُلُها
أَنتَ سَحابٌ وَنَحنُ وابِلُهُ= أَنتَ يَمينٌ وَنَحنُ أَنمُلُها
بِأَيِّ عُذرٍ رَدَدتَ والِهَةً =عَلَيكَ دونَ الوَرى مُعَوَّلُها
جاءَتكَ تَمتاحُ رَدَّ واحِدِها =يَنتَظِرُ الناسُ كَيفَ تُقفِلُها
سَمَحتَ مِنّي بِمُهجَةٍ كَرُمَت =أَنتَ عَلى يَأسِها مُؤَمَّلُها
إِن كُنتَ لَم تَبذِلِ الفِداءَ لَها= فَلَم أَزَل في رِضاكَ أَبذِلُها
تِلكَ المَوَدّاتُ كَيفَ تُهمِلُها =تِلكَ المَواعيدُ كَيفَ تُغفِلُها
تِلكَ العُقودُ الَّتي عَقَدتَ لَنا= كَيفَ وَقَد أُحكِمَت تُحَلِّلُها
أَرحامُنا مِنكَ لِم تُقَطِّعُها= وَلَم تَزَل دائِباً تُوَصِّلُها
أَينَ المَعالي الَّتي عُرِفتَ بِها= تَقولُها دائِماً وَتَفعَلُها
ياواسِعَ الدارِ كَيفَ توسِعُها= وَنَحنُ في صَخرَةٍ نُزَلزِلُها
ياناعِمَ الثَوبِ كَيفَ تُبدِلُهُ= ثِيابُنا الصوفُ مانُبَدِّلُها
ياراكِبَ الخَيلِ لَو بَصُرتَ بِنا= نَحمِلُ أَقيادُنا وَنَنقُلُها
رَأَيتَ في الضُرِّ أَوجُهاً كَرُمَت= فارَقَ فيكَ الجَمالَ أَجمَلُها
قَد أَثَّرَ الدَهرُ في مَحاسِنِها =تَعرِفُها تارَةً وَتَجهَلُها
فَلا تَكِلنا فيها إِلى أَحَدٍ= مُعِلُّها مُحسِناً يُعَلِّلُها
لايَفتَحُ الناسُ بابَ مَكرُمَةٍ =صاحِبُها المُستَغاثُ يُقفِلُها
أَيَنبَري دونَكَ الكِرامُ لَها =وَأَنتَ قَمقامُها وَأَحمَلُها
وَأَنتَ إِن عَنَّ حادِثٌ جَلَلٌ =قُلَّبُها المُرتَجى وَحُوَّلُها
مِنكَ تَرَدّى بِالفَضلِ أَفضَلُها =مِنكَ أَفادَ النَوالَ أَنوَلُها
فَإِن سَأَلنا سِواكَ عارِفَةً =فَبَعدَ قَطعِ الرَجاءِ نَسأَلُها
إِذا رَأَينا أولى الكِرامِ بِها= يُضيعُها جاهِداً وَيُهمِلُها
لَم يَبقَ في الناسِ أُمَّةٌ عُرِفَت= إِلّا وَفَضلُ الأَميرِ يَشمَلُها
نَحنُ أَحَقُّ الوَرى بِرَأفَتِهِ= فَأَينَ عَنّا وَأَينَ مَعدِلُها
يامُنفِقَ المالِ لايُريدُ بِهِ =إِلّا المَعالي الَّتي يُؤَثِّلُها
أَصبَحتَ تَشري مَكارِماً فُضُلاً= فِداؤُنا قَد عَلِمَت أَفضَلُها
لايَقبَلُ اللَهُ قَبلَ فَرضِكَ ذا= نافِلَةً عِندَهُ تُنَفِّلُها
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[12 - 03 - 2008, 01:01 م]ـ
قصيدة من روائع الشعر الحديث للأخطل الصغير بعنوان
" هند وأمها "
أتت هند تشكو إلى أمها = فسبحان من جمع النيرين
فقالت لها إن هذا الضحى = أتاني وقبلني قبلتين
وفر فلما رآني الدجى = حباني من شعره خصلتين
وما خاف يا أمي بل ضمني= وألقى على مبسمي نجمتين
وذوب من لونه سائلاً = وكحلني منه في المقلتين
وجئت إلى الروض عند الصباح = لأحجب نفسي عن كل عين
فنادانيَ الروض يا روضتي = وهمَّ ليفعل كالأولين
فخبأت وجهي ولكنه = إلى الصدر يا أمَّ مدّ اليدين
ويا دهشتي حين فتّحت عيني = وشاهدت في الصدر رمانتين
وما زال بي الغصن حتى انحنى = على قدمي ساجدا سجدتين
وكان على رأسه وردتان = فقدم لي تينك الوردتين
وخفت من الغصن إذ تمتمت = بأذني أوراقه كلمتين
فرحت إلى البحر للابتراد = فحملني ويحه موجتين
فما سرت إلا وقد ثارتا = بردفيَّ كالبحر رجراجتين
هو البحر يا أم كم من فتى= غريق وكم من فتى بين بين
فها أنا أشكو إليك الجميع = فباالله يا أم ماذا ترين .. ؟
فقالت وقد ضحكت أمها = وماست من العجب في بردتين
عرفتهُمُ واحداً واحداً = وذقت الذي ذقتيه مرتين
¥