مثلما حظيت الأم مكانتها في قصائد الشعراء العرب خلال العصور المختلفة، فإنّ شعراء المغرب وبلاد الأندلس أشادوا بها في أبياتهم الشعرية، ومجدّوا فعالها لأنّ لها دورها الكبير في بناء المجتمع من خلال تربية أبنائها على القيم والمثُل الأصيلة النابعة من التراث والدين الإسلامي الحنيف. وممن ذكرها من شعراء المغرب والأندلس الشعراء: ابن حمديس الصقلي، وأبو إسحاق الألبيري، والأعمى التطيلي، والعفيف التلمساني، وأميّة الدّاني، وعلي الحصري القيرواني، ولسان الدين ابن الخطيب. فقال عنها ابن حمديس:
خودٌ تلقن تربها حججا =كالبنِ مُصغية إلى الأمِ
ثم ذكرها الألبيري بقوله:
ولقد عهدنا الأم تلطف بابنها =عطفاً عليهِ وأنت ما أقساك
بينما أشار إليها التطيلي قائلاً:
وأكرم مضن يُرجى لدفعِ مُلمةٍ =إذا الطفل لم يسكن إلى لطفِ الأمِ
وقال العفيف التلمساني في حق الأم:
فيأخذ من هذا لهذا بحقهِ =على نسبة محفوظة الأم والأبِ
أما أميّة الدّاني فقال:
رزئت بأحفى النّاسِ بي وأمرّهم =وأكبر بفقد الأمِ رزءاً وأعظم
وهذا علي الحصري القيرواني صاحب زهر الآداب، الذي أنشد للأم بقوله:
نهكته علّة مبدؤها وحشة =الأم متى تذكر تشق
في حين يذكر لسان الدين ابن الخطيب حول الأم:
توالى مَن استرعيت أمناً وارفة =ورفقاً كما تحنو على المرضع الأم
الأم في أشعار الأيوبيين
هناك شعراء من العصر الأيوبي تناولوا في أشعارهم دور الأم في المجتمع، نحو الشعراء: ابن مقرب العيوني، واسامة الشيزري، والأمير عبد المؤمن، والحيص بيص، وسبط ابن التعاويذي، وشرف الدين الحلي، ومحيي الدين بن عربي، ومما قاله العيوني هو:
بأيسر مهر عند الأم خاطب =ووالدها غيظاً معيضّ الرواجيا
وقال الشاعر الشيزري:
بئست الأم رمت أولدها =برزاياها ألا بئس الرضيع
كذلك قوله:
هي الأم لا برّ لديها وردن =إلى بطنها بعد الولاد هو البِّرُ
أما الأمير ابن عبد المؤمن فقال:
وإن كل عاد لاكل الغذا =وما يترك الأم أو يفتقر
ويقول الشاعر حيص بيص في الأم:
واشتجار الضرب من حرّته =مذهل الأم عند الطفل الرؤوم
أو قوله الآخر:
وعم بلطف رأفته الرعايا =حنو الأم واحدها غلام
ثم ذكر الشاعر سبط ابن التعاويذي قائلاً:
ولا يرى الأم من خائب =ينافس العذراء في المهر
وقوله أيضاً:
وحنّت إلى أن يبذل العُرف كفّه =كما حنّت الأم الرقوب إلى الطفلِ
كما قال صفي الدين الحلي:
وأيتمت أبناء الرجال وطالما =دعاهم فأغناهم عن الأمِ والأبِ
بينما أشار إلى الأم محيي الدين بن عربي بقوله:
قالت لها مبلية الأم ثانية عساه =يحيى كمثل النفخ في الصورِ
وقال أيضاً:
كما الأم تضرب أولادها =لتظهر مرتبة الولد
ثم قال:
هي الأم سماها ذلولاً لخلقهِ =وقد أعرضت عني كإعراض ذي ذنبِ
إذا كان حال الأم هذا فإنني =لأولى به منها إلى انقضا نحبي
في الشعر المملوكي
أنشد للأم في هذا العصر عدد من الشعراء الذي كتبوا عن دور الأم ومكانتها في النفوس ومنهم: ابن نباتة المصري، والستالي، والشاب الظريف وشهاب الدين المخلوف، وصفي الدين الحلي، ويوسف الثالث، فقال ابن نباتة عن الأم:
ليتَ ابن إدريس لاقى ابن الدروس =بها لكان يملأ قلبَ الأم بالجَذَل
وقوله أيضاً:
سامعة لما تُشيرُ الأم =مع أنّها مثل الحجار صُمّ
وقال الشاعر الستالي:
نماه من الأبِ العتكي مجدٌ =بمجدِ الأمِ من مُضر مشُوب
أما الشاب الظريف فقال عن الأم
كم من أبٍ قد غدا أما لمعشرة =فأعجب لإعطاء لفظ الأمِ للذكر
كما قال شهاب الدين بن الخلوف:
وكم تركت أباً يبكي على ولدٍ =إذ ذقته طعم ثكل الأم للولدِ
بينما ذكر الشاعر صفي الدين الحلي** الأم بقوله عنها:
سليل صفي المُصطفى وابن سبطهِ =لقد تابَ منهُ الأم والأب والجد
وكقول الشاعر يوسف الثالث:
وكم حالت الأحوال منّا بحالةٍ =نعمنا بها والنفس الأم طالبُ
عند شعراء العصر العثماني
تناول شعراء العصر العثماني الأم في أشعارهم مبينين الدور الذي تلعبه في بناء جيل صحيح مثل الشعراء: ابن رازكة، والحبس، والعشاري، وعبد العزيز الفشتالي، وعبد الغني النابلسي، ومحمد الصفاقسي، يقول الشاعر ابن رازكة:
أبو الطلاب لا ينفك منهم =حنان الأم بالطفلِ العظيمِ
وقول الحبسي:
مَن جَرّب الناس لم تخدمه ضاحكة =في الناس شتان بين الأم والأبِ
وقال العشاري:
¥